للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولو أن الحافظ ضمَّ هذين الحديثين إلى حديث ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - المتقدم في بيع أمهات الأولاد لكان أحسن.

• الوجه الثاني: حديث أبي أيوب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - دليل على تحريم التفريق بين الوالدة وولدها في البيع، ونحوه كالهبة، والقسمة وغيرهما، وأن الأرقاء لا يفرق بينهم، بل يباعون جميعًا أو يبقون جميعًا، حرصًا على بقاء الرحم والتعاطف بينهما، وحديث الباب فيه وعيد شديد، وهو يدل على تحريم ذلك، ولا فرق بين البيع وغيره؛ لأن الحديث عام في التفريق بأي وجه من الوجوه لقوله: "من فرق".

وظاهر الحديث أنَّه لا فرق بين حالة البلوغ وما قبلها، ولو صحَّ حديث عبادة - المتقدم - لكان صالحًا لتقييد الإطلاق في حديث أبي أيوب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، ويكون النهي خاصًّا بما قبل البلوغ، وهذا رواية عن الإِمام أحمد.

والقول الثاني: جواز التفريق بعد البلوغ، وهي الرواية الصحيحة عن الإِمام أحمد، وهو قول الشَّافعي، لما ورد أن سلمة بن الأكوع أتى أبا بكر بامرأة وابنتها، فنفَّله أبو بكر ابنتها … الحديث (١).

قال النووي: (فيه جواز التفريق بين الأم وولدها البالغ، ولا خلاف في جوازه عندنا … ) (٢).

ولأن الولد بعد البلوغ يصير مستقلًا بنفسه، والعادة التفريق بين الأحرار، فإن المرأة تزوج ابنتها، ويفرق بين الحرة وولدها إذا افترق الأَبوان (٣).

• الوجه الثالث: حديث علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - دليل على تحريم التفريق بين الأخوين وأن العقد إذا تم بالتفريق فإنه لا يصح، بل يجب نقضه، وهذا الحديث نص في تحريم التفريق بالبيع، لكن ألحق به العلماء تحريم التفريق بأسباب أخرى كالهبة، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه مسلم (١٧٥٥).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (١١/ ٣١٢).
(٣) "المغني" (٦/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>