للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الرابع: اختلف العلماء في حكم التسعير في حالة الغلاء على قولين:

الأول: أنَّه لا يجوز التسعير، وبه قال كثير من المالكية والشَّافعية والحنابلة (١)، واختاره الشوكاني (٢)، واستدلوا بحديث الباب، ووجه الدلالة من وجهين:

الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى لم يسعر، وقد سألوه ذلك، ولو كان التسعير جائزًا لأجابهم إليه.

الثاني: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - علل امتناعه بكونه مظلمة؛ لأن الناس مسلَّطون على أموالهم، وفي التسعير حجر عليهم، والظلم حرام، فعليه يكون التسعير حرامًا.

القول الثاني: أنَّه يجوز التسعير عند الحاجة، وذلك إذا غلت الأسعار، وباع التجار بأكثر من الأسعار المعقولة، وهذا قول الحنفية، وبعض المالكية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم (٣).

واستدلوا بحديث ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أعتق شركًا له في عبد وكان له من المال ما يبلغ ثمن العبد، قوّم عليه قيمة عدل، فأعْطَى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد، وإلَّا فقد عتق منه ما عتق" (٤).

ووجه الاستدال: أن جعل العبد على هوى صاحبه يتحكم في قيمته إضرار بالمعتق، فمن أعتق شركًا له في عبد فإنه لا يُترك صاحب الشرك الثاني يطلب من القيمة ما أراد، بل يُقَوَّم عليه قيمة عدل، فيسلم المعتِقُ قسطه من


(١) "المنتقى" (٥/ ١٨)، "المهذب" (١/ ٢٩٢)، "الإنصاف" (٤/ ٣٣٨).
(٢) "نيل الأوطار" (٥/ ٢٤٨).
(٣) "الهداية" (٤/ ٩٣)، "المنتقى" (٥/ ١٨)، "الحسبة في الإسلام" ص (٣٧)، "الطرق الحكمية" ص (٢٥٢).
(٤) أخرجه البخاري (٢٥٢٢)، ومسلم (١٥٠١)، وسيأتي - إن شاء الله - في كتاب "العتق".

<<  <  ج: ص:  >  >>