قوله: (وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) أي: المتذلل له بالطاعة وبتبليغ الرسالة والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، ورسوله؛ أي: المرسل من عنده بشرعه إلى جميع العالمين.
قوله: (إلا فتحت له أبواب الجنة) أي: الثمانية كما هو لفظ مسلم. وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «في الجنة ثمانية أبواب، باب منها يسمى الريَّان، لا يدخله إلا الصائمون، فإذا دخلوا أُغلق، فلم يدخل غيرهم» (١). وفتح أبواب الجنة لصاحب هذا الفضل يحمل على أمرين:
أحدهما: تيسير الأعمال الموصلة إلى تلك الأبواب، بمعنى أن الله يهيئ له أسباب الأعمال الصالحة التي تبلغه هذه الأبواب.
الثاني: أن المراد ستفتح له يوم القيامة، فوضع الماضي موضع المستقبل لتحقق وقوعه، كقوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: ١].
قوله: (اللهم) هذا منادى، والميم المشددة عوض عن حرف النداء والأصل: يا الله، فحذف حرف النداء، وعوضت عنه الميم.
قوله: (اجعلني من التوابين) جمع تواب: وهي صيغة مبالغة من تاب يتوب، أي: اجعلني من الذين يكثرون التوبة والاستغفار مما قارفوه من معاصٍ وذنوب.
قوله: (واجعلني من المتطهرين) جمع متطهر، والتطهر: التنزه، أي: اجعلني من الذين يتنزهون من الذنوب والأحداث والأنجاس، وجمع بينهما إلماماً بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢]. ولما كانت التوبة طهارة الباطن عن أدران الذنوب، والوضوء طهارة الظاهر عن الأحداث والأنجاس التي تمنع من التقرب إلى الله تعالى ناسب الجمع بينهما.
الوجه الرابع: استحباب هذا الذكر الجليل المشتمل على الشهادتين عند نهاية الوضوء؛ لأنه سبب للسعادة الأبدية، وهي دخول الجنة من أي
(١) أخرجه البخاري (١٨٩٦)، ومسلم (١١٥٢).