للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي اصطلاح الفقهاء: حَبْسُ الطَّعام طَلَبَ غلائه، أو حبس ما يحتاج إليه الناس من السلع والمنافع حتَّى يغلو سعره أو ينقطع عن السوق، وهذا التعريف أحسن؛ لأنه أشمل من الأول، فإنه عام في الأقوات وغيرها فيما يشتريه أو تنتجه أرضه أو حيواناته أو مصنعه، وسيأتي مزيد إيضاح إن شاء الله.

قوله: (إلَّا خاطئ) الخاطئ: المذنب، يقال: خَطِئَ يخطأ فهو خاطئ: إذا أذنب، وأخطأ يخطئ فهو مخطئ: إذا فعل ضد الصواب.

• الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم الاحتكار، وإثم المحتكر، ووجه الدلالة: التصريح بأن المحتكر خاطئ والخاطئ: هو العاصي الآثم، قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف: ٢٩]، فدل على أن الاحتكار معصية وذنب يجب الاستغفار منه.

وعن أبي أمامة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُحتكر الطَّعام) (١).

فهذا نهي، والأصل فيه التحريم.

والحكمة من النهي عن الاحتكار: دفع الضرر عن عامة الناس؛ لأن الاحتكار يؤدي إلى الإضرار بهم والتضييق عليهم، وإيقاعهم في الحرج، وفيه سوء معاشرة للمسلمين.

• الوجه الخامس: اختلف العلماء هل الاحتكار عام في كل شيء أو أنَّه خاص بالطعام؟ على ثلاثة أقوال:

الأول: أن الاحتكار محرم في كل شيء، سواء أكان قوتًا، أم إدامًا، أم لباسًا، أم غير ذلك من السلع التي يلحق الناس بحبسها ضرر، وهذا قول مالك، والثوري، وأبي يوسف من الحنفية، وهو ظاهر قول ابن حزم (٢)، واختاره الصنعاني والشوكاني (٣)، وهو قول علماء الاقتصاد، فإنهم يتفقون مع هذا القول الذي سبقهم إليه فقهاء المسلمين بمئات السنين.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ٤٧)، والحاكم (٢/ ١١)، والبيهقي (٧/ ٥٤٢) وسنده صحيح.
(٢) "الهداية" (٤/ ٩٢)، "المنتقى" (٥/ ١٥)، "المحلى" (٩/ ٦٤).
(٣) "سبل السلام" (٥/ ٧٦)، "نيل الأوطار" (٥/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>