للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلوا بحديث الباب. ووجه الاستدلال: أنَّه نص مطلق لم يقيد الاحتكار بشيء معين، فيتناول كل ما يحتكر؛ لأن المطلق يعمل به على إطلاقه، كما في الأصول.

والقول الثاني: أن الاحتكار خاص بالأقوات، سواء أكان قوت الآدميين، أم قوت البهائم، كالحنطة والشعير والتبن والبرسيم. وهذا قول الحنفية، والشَّافعية، وقد ألحق بعض الشَّافعية بالقوت كل ما يعين عليه كاللحم والفواكه (١).

واستدلوا: ١ - بحديث أبي أمامة المتقدم: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحتكر الطَّعام"، قالوا: فلما خُصَّ الطَّعام بالنهي عن احتكاره - وهو شامل للقوتين: قوت الآدمي وقوت البهائم - دل على أن غيره يجوز.

٢ - أن غير الأقوات لا ضرر في احتكاره غالبًا، لعدم عموم الحاجة إليه، فكان احتكاره جائزًا.

والقول الثالث: أن الاحتكار خاص في قوت الآدمي دون غيره، وهذا هو الصحيح من مذهب الحنابلة (٢)، وهو قول سعيد بن المسيب، كما سيأتي.

واستدلوا بما يلي:

١ - حديث أبي أمامة المتقدم: "نهى أن يحتكر الطَّعام"، قالوا: ومعلوم أن الطَّعام هو قوت الآدميين، وقد خُصَّ بالنهي فلا يتعداه إلى غيره.

٢ - ما جاء في تتمة حديث الباب: (فقيل لسعيد: فإنك تحتكر، قال سعيد: إن معمرًا الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر)، قال أَبو داود: (كان سعيد بن المسيب يحتكر النوى والخَبَط والبَزْرِ (٣)) (٤)، فدل ذلك على أن الاحتكار المنهي عنه إنما هو في قوت الناس فقط.


(١) "الهداية" (٤/ ٩٢)، "المهذب" (١/ ٢٩٢)، "الاحتكار وآثاره" ص (٢٤).
(٢) "المغني" (٦/ ٣١٧).
(٣) النوى: عجم التمر، والخَبَط - بالتحريك -: ورق ينفض بالمخابط ويجفف ويخلط بدقيق أو غيره ويبل بالماء ويطعم الدواب، والبزر -بفتح الباء وكسرها والكسر أشهر -: كل حب يبذر للنبات.
(٤) "سنن أبي داود" (٣٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>