للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التوفيق بين الحديث وبين فعل راويه فإن العبرة عند الأصوليين في باب التعارض بما روى لا بما رأى؛ لأن الصحابي قد يطرأ عليه النسيان، ويجتهد فيخطئ، فلا يُترك المعلوم للمظنون (١).

• الوجه السادس: مذهب الجمهور على أن من حبس غلة مزرعته أو نتاج حيواناته أو إنتاج مصنعه لا يعد محتكرًا.

قالوا: لأن ذلك خالص حقه، لم يتعلق به حق العامة، فكما أن له ألا يزرع، فكذلك له ألا يبيع.

والقول الثاني: أنَّه يكون محتكرًا، وبه قال بعض الحنفية (٢)، وهؤلاء نظروا إلى وجود الضرر في حبسه.

والذي يظهر - والله أعلم - أن المسألة منوطة بما يترتب على ذلك من الضرر والتضييق الذي يحدده ظرف الناس ووضعهم الاقتصادي، ويؤيد ذلك ما ذكره القاضي عياض من أن الأصل في الاحتكار مراعاة الضرر، فكل ما أضر بالمسلمين وجب أن يُنفى عنهم (٣).

وقد رأى بعض الباحثين أن القول بالجواز محمول على زراعة مساحات قليلة قد لا تؤثر على حاجة القائم عليها، كما في الأزمنة القديمة، أما إذا كانت المساحة كبيرة والإنتاج كثيرًا، كما في عصرنا هذا بحيث يتضرر الناس بحبس الإنتاج فإنه يكون من الاحتكار (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "التبصرة" للشيرازي ص (٣٤٣)، "الإحكام" للآمدي (٢/ ٣٣٣)، "أحاديث الاحتكار" ص (٦٣ - ٦٤).
(٢) "بدائع الصنائع" (٥/ ١٢٩).
(٣) "شرح صحيح مسلم" (٥/ ٣٠٩).
(٤) "أحكام السوق في الإسلام" ص (٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>