فقد رواه غيره، كابن مسعود - رضي الله عنه -، مما يدل على أنهما جميعًا يستضيئان بنور صادر من مشكاة النبوة، ولعل الحافظ تبع البخاري في ذلك، وكلامه في "الفتح" قد يستفاد منه ما تقدم. والله تعالى أعلم.
* الوجه الثاني: في شرح ألفاظهما:
قوله:(لا تُصَروا) بضم أوله وفتح ثانيه بوزن لا تُزكوا، يقال: صَرَّى الشاة يُصَرِّيهَا تصرية فهي مصراة، مثل: غذى الطفلة يغذيها فهي مغذاة، والتصرية معناها: الجمع، تقول: صرَّيت الماء في الحوض، وصريته بالتخفيف: إذا جمعته، والمراد هنا: حبس اللبن في ضروع الإبل والغنم حتَّى يجتمع.
وأجاز بعضهم فتح التاء وضم الصاد وتشديد الراء من الصَّرِّ بمعنى: الشد والربط، وظاهر كلام النَّسائي في ترجمته يشير إلى ذلك (١).
قوله:(الإبل والغنم) الظاهر أن ذكر الإبل والغنم دون غيرهما خرج مخرج الغالب فيما كانت العرب تصريه وتبيعه تدليسًا وغشًا؛ لأن البقر قليل في بلادهم، وغير الأنعام لا يقصد لبنها غالبًا، فلم يكونوا يصرون غير الإبل والغنم، وما خرج مخرج الغالب لا مفهوم له، وعلى هذا فالبقر داخل في الحكم، ولهذا ذكر البخاري البقر في التَّرجمة، مع أنَّها لم تذكر في الحديث.
قوله:(فمن ابتاعها) أي: اشتراها.
قوله:(بعد) ظرف مبني على الضم؛ لأن المضاف إليه محذوف، والتقدير: بعد التصرية.
قوله:(فهو بخير النظرين) أي: يختار أحد الرأيين.
قوله:(إن شاء أمسكها) أي: أبقاها في ملكه.
قوله:(وإن شاء ردها وصاعًا من تمر) بنصب (صاعًا) عطفًا على