للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الضمير في ( .. ردها) بدليل رواية مسلم: "ورد معها صاعًا"، لكن لا بد من تأويل الفعل بفعل مناسب؛ أي: ردها وأعطى صاعًا من تمر؛ لأنه يصدق عليه أنَّه ردها، لكن ما ردَّ صاعًا وإنَّما أعطى.

قوله: (من تمر) سواء كان التمر قوتًا لذلك البلد أم لا. وخصه بالتمر؛ لأنه كان غالب قوتهم في ذلك الوقت، فاستمر حكم الشرع على ذلك، وقدره الشرع بمقدار صاع من تمر لا يزيد ولا ينقص، لقطع الخصام والنزاع لو ترك تقدير ذلك إليهما بادعاءات متعددة.

وهذا الصاع عوض عن اللبن في الضرع حال البيع، وإنَّما لم يجب مثل اللبن ولا قيمته بل وجب صاع في القليل والكثير ليكون ذلك حدًّا يرجع إليه، ويزول به التخاصم، وقد يكون في مكان لا تعرف فيه قيمة اللبن، وقد يتلف اللبن ويحصل التنازع في قلته وكثرته.

قوله: (لا سمراءَ) السمراء: هي الحنطة الشامية، وذكر العيني أنَّها أغلى ثمنًا من البر الحجازي (١)، ومعنى نفيها: أنَّه لا يلزم أن يعطي الحنطة؛ لأنها أغلى من التمر في الحجاز، وإنَّما يكفي الطَّعام الذي هو غالب قوت البلد، وهو التمر.

قوله: (والتمر أكثر) أي: إن الروايات قد اختلفت فيما يرد مع المصراة، والروايات التي تنص على التمر أكثر عددًا من الروايات التي لم تنص عليه، أو أبدلته بذكر الطَّعام.

قوله: (محفلة) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الفاء الموحدة، يقال: حَفَلَ اللبن في الضرع: اجتمع، وضرع حافل؛ أي: عظيم، واحتفل القوم: كثر جمعهم، ومنه سمي المحفل.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على النهي عن تصرية اللبن في ضروع بهيمة الأنعام عند إرادة بيعها، وقد ورد التقييد بذلك في حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -


(١) "عمدة القارئ" (٩/ ٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>