للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عند النَّسائي: "إذا باع أحدكم الشاة أو اللقحة (١) فلا يحفِّلها" (٢).

أما التصرية لا للبيع وإنَّما ليجتمع الحليب للولد أو لعياله أو لضيف، فأجازه قوم، ومنعه آخرون، فمن منعه علل ذلك بما فيه من إيذاء الحيوان، ومن أجازه عمل بالنص المذكور آنفًا فإنه يقتضي أن التحريم مختص بحالة البيع، فيجوز فيما عداها، وأجاب عن التأذي بأنه يسير لا يحصل منه ضرر مستمر، فيغتفر لأجل المصلحة المتعلقة به، كما يغتفر تأذي الدابة في الركوب والحمل، لكن إن طالت المدة حرم لتحقق الضرر.

والحكمة من تحريم التصرية ما فيها من التدليس والتغرير بالمشتري جيث يظن أن هذا اللبن عادة لها، فهو من الغش والكذب وأكل أموال الناس بالباطل.

• الوجه الرابع: الحديث دليل على صحة بيع المصراة، وهذا مجمع عليه، وذلك لقوله: "إن رضيها أمسكها" لأن الباطل لا يقره الشرع، فلما أقر الشرع البيع دل على صحته.

• الوجه الخامس: الحديث دليل على ثبوت الخيار لمن اشترى بهيمة مصراة بين إمساكها وردها، وذلك إذا علم بالتصرية، سواء علم قبل الحلب أو بعده، وإنَّما ذكر الحلب قيدأ في قوله: "بعد أن يحلبها"؛ لأن التصرية لا تعرف غالبًا إلَّا بعد الحلب، ولو علم قبل الحلب بطريق أخرى كشهادة عدل أو اعتراف البائع، خيّر المشتري بين الإمساك والرد ولو لم يحلبها. وخياره يمتد ثلاثة أيام منذ علم بالتصرية، وهذا مذهب الجمهور مستدلين برواية مسلم.

والقول الثاني: أن الرد بالتصرية فوري، لقوله: "فهو بخير النظرين" لأن الفاء تدل على التعقيب من غير تراخٍ، ولقوله: "وإن سخطها ردها" وقياسًا على سائر العيوب، وهذا قول لبعض الشَّافعية، ذكر النووي أنَّه هو الأصح عندهم (٣).


(١) بفتح اللام ويجوز كسرها بعدها قاف ساكنة، الناقة القريبة العهد باليج.
(٢) "السنن" (٧/ ٢٥٢).
(٣) "شرح صحيح مسلم" (٩/ ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>