للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجابوا عن التقييد بثلاثة أيام بأنه محمول على ما إذا لم يعلم بالتصرية إلَّا في الثلاث، لكون الغالب أنَّها لا تعلم قبل مضي هذه المدة، لجواز نقصان اللبن باختلاف العلف ونحو ذلك، لكن لو علم بالتصرية قبل الثلاث فعليه أن يردها.

والقول الأول أرجح؛ لأن رواية مسلم: "له الخيار ثلاثة أيام" مقدمة على الإطلاق في قوله: كوإن سخطها ردهال، من باب حمل المطلق على المقيد، لاتحاد الحكم والسبب.

• الوجه السادس: ذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة، مالك والشَّافعي وأحمد إلى أن المشتري إذا رد المصراة على البائع رد معها صاعًا من تمر عوضًا عن اللبن الذي كان في ضرعها وقت البيع سواء كان قليلًا أو كثيرًا (١)، ولو تراضيا على غير التمر من طعام البلد جاز؛ لأن الحق لهما.

أما اللبن الحادث وهي عند المشتري فلا يرد عنه شيئًا للحديث الآتي: "الخراج بالضمان" فهي لما كانت في ضمان المشتري لو تلفت صار لبنها له.

والقول الثاني: أنَّه لا يرد شيئًا وللمشتري اللبن بدل علفها، ونسب الحافظ هذا القول لأكثر الحنفية (٢). واعتذروا عن الحديث بأعذار لا حاجة لشغل الأوقات والأوراق بها، ومنها: أن الحديث مخالف لقياس الأصول، وهو أن اللبن مثلي فيضمن بلبن مثله، والضمان يكون بقدر المثل، وهذا ضُمِنَ بصاع مطلقًا قلَّ اللبن أو كثر.

وهذا مردود فإن الحكم برد الصاع ثابت بالسنة، والسنة أصل، والقياس مردود إلى الكتاب والسنة، فالسنة أصل، والقياس فرع، فكيف يرد الأصل بالفرع؟! ثم إن الحديث الصحيح أصل بنفسه، فكيف يقال: إن الأصل يخالف نفسه؟! والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "المدونة" (٣/ ٢٨٧)، "شرح صحيح مسلم" للنووي (١٠/ ٤٢٢)، "المبسوط" (١٣/ ٤٠)، "الإنصاف" (٤/ ٣٩٩).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>