للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى فرض شمول هذه الأدلة لخيار المجلس فهي أعم مطلقًا، وأحاديث الخيار خاصة، والخاص يقضي على العام.

وقد اعتذروا عن العمل بالأحاديث بأعذار ضعيفة، ومنها قولهم: إن أحاديث الخيار منسوخة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون على شروطهم"، ومنها قولهم: إن الحديث من رواية مالك، وقد عمل مالك نفسه بخلافه، فدل على أنه عارضه ما هو أقوى منه، ومنها: أن المراد بالتفرق: التفرق بالأقوال.

قال اين عبد البر المالكي: (قد أكثر المتأخرون من المالكيين والحنفيين من الاحتجاج لمذهبهما في رد هذا الحديث بما يطول ذكره، وأكثره تشغيب لا يُحصل منه على شيء لازم لا مدفع له) (١).

وقد عاب كثير من أهل العلم على مالك مخالفته الحديث مع روايته له في "موطئه" وثبوته عنده، حتى نُقل عن بعضهم الخشونة في الرد على مالك (٢).

° الوجه الخامس: الحديث دليل على أن البائع والمشتري لو اتفقا على إسقاط الخيار بعد العقد وقبل التفرق وأنه لا خيار لهما لزم العقد وثبت البيع؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما، وكيفما اتفقا جار، فإن اشترط أحدهما الخيار مدة معلومة لم ينقض الخيار بالتفرق، بل لا بد من انقضاء المدة، فإذا انقضت ولم يحصل من أحدهما فسخ للبيع بطل الخيار ولزم العقد، وسيأتي -إن شاء الله- مزيد كلام على خيار الشرط، والله تعالى أعلم.


(١) (التمهيد) (١١/ ١٤).
(٢) هو: الإمام المدني الفقيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، المتوفى سنة (١٥٨): رحمه الله. راجع: ["سير أعلام النبلاء" (٧/ ١٤٢، ١٤٣)] لتقف على المقولة المذكورة، ورأي الذهبي رحمه اللهُ فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>