حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - المتقدم:"ما لم يتفرقا" وأن المراد التفرق بالأبدان، لا بالأقوال، كما يقول نفاة خيار المجلس.
° الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:
قوله:(إلا أن تكون صفقة خيار) برفع (صفقة) على الفاعلية على أَنَّ (تكون) تامة، والمعنى: إلا أن توجد أو تحدث صفقة خيار. وبنصبها على أن (تكون) ناقصة، واسمها محذوف يفهم من السياق، والتقدير: إلا أن تكون البيعة صفقة خيار، أو إلا أن تكون الصفقة صفقة خيار.
والصفقة لغة: اسم المرة من الصفق، وهو الضرب باليد على يد أخرى، ثم استعمل اللفظ في عقد البيع؛ لأن العرب إذا وجب البيع ضرب أحد المتبايعين يده على يد صاحبه. والإضافة للبيان؛ لأن الصفقة قد تكون للبيع أو للعهد.
والمعنى: أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا، إلا إذا قال أحدهما للآخر: اختر إمضاء البيع أو فسخه، فاختار الإمضاء، تم البيع وإن لم يتفرقا، وهذه هي صفقة الخيار.
قوله:(ولا يحل له أن يفارقه) أي: لا ينبغي لأحد المتعاقدين أن يفارق صاحبه ويقوم مسرعًا من مكان العقد، وهذا مقيد لما تقدم من قوله:(ما لم يتفرقا) فيكون المراد التفرق الذي لم يقصد به إسقاط حق صاحبه.
قوله:(خشية أن يستقيله) مفعول لأجله منصوب؛ أي: خشية أن يرجع صاحبه في بيعته معه ويفسخها، فالمراد بالإقالة هنا: فسخ النادم منهما للبيع، وليس المراد الاستقالة التي تقدمت، إذ لو كان هذا هو المراد لم تمنعه من المفارقة؛ لأنها لا تختص بمجلس العقد، بل تجوز بعده، فدل على أن المراد فسخ البيع.
° الوجه الثالث: الحديث دليل على إثبات خيار المجلس للمتعاقدين ما لم يتفرقا بأبدانهما من مكان العقد، فإن تفرقا بطل الخيار ولزم البيع، وكذا لو قال أحدهما للآخر في مكان العقد بعد العقد: اختر إمضاء البيع أو فسخه، فاختار إمضاء البيع انقطع خيارهما وإن لم يتفرقا.