للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له الخيار، وإنما قال له قل: "لا خلابة"؛ أي: لا خديعة، ولا يلزم من هذا ثبوت الخيار … ) (١). كما رجحه الشوكاني (٢).

° الوجه الرابع: استدل بعض الفقهاء، ومنهم فقهاء الشافعية والحنفية بهذا الحديث على إثبات خيار الشرط (٣)، وهو أن يشترط أحد المتعاقدين أو كلاهما لنفسه حق الفسخ مدة معلومة، كأن يقول المشتري -مثلًا-: اشتريت منك هذه السيارة بكذا على أني بالخيار ثلاثة أيام.

ووجه الاستدلال بالحديث؛ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل لهذا الرجل الخيار ثلاثة أيام، كما تقدم في رواية ابن إسحاق عن نافع، عن ابن عمر، لكن قال النووي: (إن هذه الرواية ليست بثابتة، وإنها زيادة منكرة) (٤)، وإن أقوى ما يحتج به على ثبوت خيار الشرط هو الإجماع، لكن هذا فيه نظر، فقد ذكر ابن رشد أن هذا قول الجمهور، وخالف فيه الثوري وابن شبرمة وطائفة من أهل الظاهر (٥). وقد يستدل له بعموم: "المسلمون على شروطهم" (٦).

ومدة الخيار عند أبي حنيفة والشافعي ثلاثة أيام ولا تزيد أخذًا بهذا النص، وقال أحمد ومالك: إذا كانت مدة معلومة جاز، ولو زادت على ثلاثة أيام، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٧)، إلا أن مالكًا يقيد الزيادة بالحاجة، ووجه ذلك أن الخيار شرع للتروي ودفع الغبن، والحاجة قد تدعو إلى الزيادة على ثلاثة أيام، والله تعالى أعلم.


(١) "شرح صحيح مسلم" (٩/ ٤٣٤).
(٢) "نيل الأوطار" (٥/ ٢٠٧).
(٣) "تكملة المجموع" (١٢/ ٣٣٥)، "فتح القدير" (٥/ ٩٢).
(٤) "المجموع" (٩/ ١٩٠).
(٥) "بداية المجتهد" (٣/ ٣٩٩)، "المحلى" (٨/ ٣٧٠).
(٦) سيأتي تخريجه في باب "الصلح".
(٧) "بداية المجتهد" (٣/ ٤٠٠)، "المغني" (٦/ ٣٨)، "الاختيارات" ص (١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>