للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويشترط النفعَ بإيفاءِ أكثرَ مما أقرضه، أو أحسن، أو أن ينتفع بسيارته أو داره أو نحو ذلك، فهذا هو الربا بعينه، وليس قرضًا في الحقيقة؛ لأن المقصود بالقرض الإحسان والإرفاق، وهذه معاوضة ظاهرة.

والربا محرّم بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)} [البقرة: ٢٧٨، ٢٧٩]. ففي الآية دليل على تحريم الربا، وفيها تهديد بأن من لم يترك الربا فقد أعلن الحرب مع الله ورسوله، وما أَذل المحاربَ لله ورسوله وأخذله وأعظم جرمه! ولم يجئ مثل هذا الوعيد في كبيرة غير الربا.

وأما الدليل من السنة فسيأتي في الباب، وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على تحريم الربا وأنه من الكبائر، وإن كانوا قد يختلفون في شيء من مسائله.

وأما الحكمة من تحريم الربا، فقد حرمه الإسلام لأغراض سامية ومقاصد عظيمة، ومنها:

١ - أنه متضمن للظلم وأكل أموال الناس بالباطل؛ لأنه أَخْذُ فضل بلا مقابل، وهو بهذا -كما يقول ابن تيمية- أشد من الميسر الذي هو القمار؛ لأن المرابي قد أخذ فضلًا محققًا من محتاج، إذ هو لم يبع ولم يَتَجِرْ، وأما المقامر فقد يحصل له فضل وقد لا يحصل له.

٢ - أن المرابي متصف بالغلظة في طبعه والشح في إنفاقه والعزوف عن الصدقات والبعد عن فعل الخيرات، يدل على ذلك أنه لا تكاد توجد آية من آيات الربا إلا وهي مسبوقة أو متبوعة بآيات الحض على الصدقة والإنفاق.

٣ - تعطل المكاسب والتجارات والحرث والصناعات التي لا تنتظم مصالح العالم إلا بها، إذ من يحصِّل درهمين بدرهم بإيداع ماله في مصرف ربوي كيف يتجشم مشقة كسب أو تجارة؟!.

<<  <  ج: ص:  >  >>