للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ثلاثة وسبعون بابا) أي: شعبة.

قوله: (مثل أن ينكح) بكسر الكاف وفتحها، مضارع نكح، من باب ضرب ومنع، وهو يطلق على الوطء وعلى العقد، والظاهر أن المراد هنا الأول؛ أي: يواقعها، بدليل الروايات الأخرى.

قوله: (وإن أربى الربا) الربا: الزيادة والارتفاع -كما تقدم- فالمعنى: من أفحش الزيادة وأقبح الارتفاع وأشنعه.

قوله: (عرض الرجل المسلم) العرض: هو موضع الذم والمدح من الإنسان، فيدخل في ذلك الأمور التي بذكرها يرتفع أو يسقط، ومن جهتها يذم أو يحمد.

وقد جاء في بعض شواهد الحديث: "من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق"، وقد فسر العلماء الاستطالة بأن يتناول من عرض أخيه أكثر مما يستحقه على ما قيل له وأكثر مما رخص له فيه، وذلك بأن يتوسع في الذم ويستمر عليه، ولذا مثله بالربا وعده من عداده؛ لأنه إذا تناول أكثر مما يستحقه شابه مَنْ أخذ من المال أكثر من حقه، ثم فضله على جميع أفراده؛ لأنه أكبر مضرة، وأشد فسادًا، فإن العرض شرعًا وعقلًا أعز على النفس من المال (١).

° الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم الربا، وأنه من كبائر الذنوب (٢)، بل من أكبرها (٣)؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن المذكورين، واللعن لا يكون إلا على أمر محرم وكبيرة من الكبائر، وهذا أمر مجمع عليه، وإنما اختلف العلماء في بعض التفاصيل، وفي الحديث تغليظ شديد في أكل الربا؛ لأنه إذا لُعِنَ الكاتب والشاهدان مع أنهما لا يصيبهما منه شيء فلأن يلعن المباشر له من آخذ ومعطٍ بالأولى، لكن قال العلماء: إن لَعْنَ الكاتب والشاهد مقيد بما إذا علما ذلك، فأما من كتب أو شهد وهو غير عالم فلا يدخل في الوعيد.


(١) انظر: "فيض القدير" للمناوي (٤/ ٦٦).
(٢) "إعلام الموقعين" (٤/ ٤٣).
(٣) "إعلام الموقعين" (٢/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>