للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غيرها، وهذا قول طاوس وقتادة والظاهرية (١) وابن عقيل الحنبلي (٢)، واختاره الصنعاني (٣)، أما الظاهرية فقولهم مبني على إنكارهم القياس، وأما ابن عقيل فإنه وإن كان يرى القياس إلا أنه لم يقل به هنا؛ لأن علل القياسيين -على رأيه- ضعيفة، وإذا لم تظهر العلة امتنع القياس.

الثاني: أنه يلحق بها ما شاركها في العلة، وهو مذهب الجمهور، ومنهم الأئمة الأربعة، مستدلين بما سيأتي من حديث معمر بن عبد الله - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الطعام بالطعام مثلًا بمثل … "، ولفظ (الطعام) أعم من الأصناف الأربعة المذكورة في حديث أبي سعيد وعبادة - رضي الله عنه -.

كما استدلوا بالمعنى، وذلك أن ما وافقها في العلة يجب أن يأخذ حكمها، مراعاة لمقصود الشارع في التحريم، فما دام أن العلة واضحة وموجودة في غير هذه الأصناف فليحكم بالإلحاق؛ لأن الشرع لا يفرق بين متماثلين، كما لا يجمع بين مختلفين، قالوا: وقد اقتصر الحديث على الأصناف الستة من باب الاكتفاء بالأشياء التي لا يستغني عنها الناس عادة.

ثم اختلف هؤلاء في علة التحريم على أقوال أرجحها: أن العلة في الذهب والفضة هي مطلق الثمنية؛ أي: إنهما أثمان للأشياء، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، وقول للمالكية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم (٤).

ووجه ترجيح هذا القول أن التعليل بالثمنية فيه مناسبة لتحريم الربا فيهما؛ لأن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات، والثمن هو المعيار الذي يعرف به تقويم الأموال، فيجب أن يكون محدودًا لا يرتفع ولا ينخفض، إذ لو كان كذلك لصار كالسلع فلا يوجد ثمن تقوَّم به المبيعات.


(١) "المحلى" (٨/ ٤٦٧، ٤٦٨).
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٤٧٠)، "إعلام الموقعين" (٢/ ١٣٦).
(٣) "سبل السلام" (٣/ ١٥).
(٤) "حاشية العدوي" (٥/ ٥٦)، "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٤٧٠)، "إعلام الموقعين" (٢/ ١٣٧)، "الإنصاف" (٥/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>