للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى هذا فيجري الربا في كل ما اتخذه الناس عملة وراج رواج النقدين، مثل الأوراق النقدية الآن، وعلى هذا فلا يجوز بيع خمسة عشر ريالًا سعوديًّا ورقًا بستة عشر ريالًا سعوديًّا ورقًا، ويجوز بيع بعضها ببعض من غير جنسها إذا كان يدًا بيد، كما لو باع ورق النقد السعودي بليرة سورية أو لبنانية مثلًا؛ لأن العملات الورقية أجناس متعددة بتعدد جهات إصدارها، فالورق النقدي السعودي -مثلًا- جنس، والكويتي جنس، والمصري جنس، وهكذا، ويكون حكمها حكم الذهب والفضة في جواز بيع بعضها ببعض من غير جنسها مطلقًا إذا كان يدًا بيد.

وأما علة التحريم في الأصناف الأربعة، وهي البر والشعير والتمر والملح، فقد اختلف العلماء فيها على أربعة أقوال:

الأول: أن علة الربا فيها الكيل والجنس، فيجري الربا في كل ما يكال مع اتحاد الجنس، كالأرز، والذرة، والعدس، ونحوها، وإن لم يكن مطعومًا كالحناء والأشنان، وغيرهما، أما غير المكيل فلا ربا فيه، كالمعدودات، مثل: البيض والرمان ونحوهما، وهذا مذهب أبي حنيفة (١)، والمشهور من مذهب أحمد، وبه قال: النخعي والزهري وإسحاق (٢).

واستدلوا بحديث أبي هريرة وأبي سعيد - رضي الله عنه - الآتي- وفيه: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، فقال: "لا تفعلوا، ولكن مثلًا بمثل".

ووجه الاستدلال: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التفاضل في التمر ببيع الصاع بالصاعين، فدلَّ على أن العلة هي الكيل مع الجنس.

وأجيب عنه: بأنه لا يلزم من ذكر الصاع أن يكون هو العلة المؤثرة وحدها في الحكم، إذ لو كان الأمر كذلك لاقتصر النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذكره ولم ينص على الأصناف الأربعة أو على الطعم، كما في حديث معمر - رضي الله عنه - الآتي.


(١) "شرح فتح القدير" (٧/ ٤).
(٢) "الشرح الكبير" (١٢/ ١٠)، "الإنصاف" (٥/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>