للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الثاني: أن العلة هي الطعم، فيجري الربا في كل طعام وإن لم يكن مكيلًا ولا موزونًا، كالحبوب والفواكه والبقول واللحوم والبيض والسمك والسمن وغيرها، وهذا مذهب الشافعي (١) ورواية عن أحمد (٢).

واستدلوا بحديث معمر - رضي الله عنه - الآتي-: "الطعام بالطعام مثلًا بمثل"، ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والحكم إذا علق على اسم مشتق دل على أنه علته، كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨].

وأجيب عن ذلك بأجوبة:

الأول: أن الحديث فيه "مثلًا بمثل"، فدل على أن العلة ليست هي الطعم وحده بل لا بد من المماثلة، وهي لا تتحقق إلا بالكيل أو الوزن.

الثاني: أنه يلزم على هذا الحديث عدم بيع البر بالشعير متفاضلًا؛ لأن كلًّا منهما طعام مع أن حديث عبادة المتقدم صريح بجواز ذلك (٣)، لقوله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذكر البر والشعير: "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم".

الثالث: لو كان الطعم وحده هو الوصف المقصود للشارع لاكتفى بذكر أحد هذه الأصناف الأربعة في حديث عبادة.

القول الثالث: أن العلة هي الاقتيات والادخار، أي: كون الطعام قوتًا يقتات به الإنسان غالبًا، ويدخره مدة من الزمن فلا يفسد، كالقمح والأرز والذرة ونحوها، وهذا مذهب مالك، واختاره ابن القيم (٤).

واستدلوا بحديث عبادة - رضي الله عنه -، ووجه الاستدلال: أن الأصناف المذكورة في حديث عبادة - رضي الله عنه - يجمعها وصف الاقتيات والادخار، وقد نبه الشارع بكل واحد منها على ما في معناه، فنبه بالبر والشعير على أصناف الحبوب المدخرة، كالأرز والدخن والذرة والفول والعدس ونحوها، ونبه بالتمر على


(١) "المجموع" (٩/ ٣٩٥ - ٣٩٧).
(٢) "الإنصاف" (٥/ ١٢).
(٣) انظر: "المفهم" (٤/ ٤٨١).
(٤) "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (٣/ ٤٧)، "إعلام الموقعين" (٢/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>