للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو الكيل أو الوزن (١). وهذا أظهر الأقوال، وبه تجتمع الأدلة.

° الوجه السابع: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فيه دليل على أن التساوي المشروط في بيع الربوي بجنسه إنما يكون بمعياره الشرعي، وهو الكيل في المكيلات وهي الأنواع الأربعة، والوزن في الموزونات كما في الذهب والفضة، والفرق بين الكيل والوزن أن الكيل تقدير الشيء بالحجم، والوزن تقديره بالثقل والخفة، وقد جاء عند البيهقي حديث عبادة - رضي الله عنه - بلفظ: "الذهب بالذهب وزنًا بوزن، والفضة بالفضة وزنًا بوزن، والبر بالبر كيلًا بكيل، والشعير بالشعير كيلًا بكيل … " (٢).

فمثلًا: البر لا يجوز بيعه ببر إلا كيلًا ليحصل التساوي، ولا يباع وزنًا؛ لأنه يختلف في الخفة والثقل، فإذا وضع في الميزان حصل في كفة الخفيف أكثر من كفة الثقيل، فيفوت التساوي.

وقد استثنى شيخ الإسلام ابن تيمية ما إذا كان الربوي لا يختلف وزنًا أو كيلًا كالأدهان والألبان فإنهما من المكيلات -على المذهب-؛ لأن كل مائع يجري فيه الربا فهو مكيل، لكن لو بيعت بمثلها وزنًا صح على ما اختاره الشيخ، وذكر عن أحمد ما يدل على ذلك (٣)؛ لأن المثلية في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مثلًا بمثل" متحققة هنا بالكيل أو الوزن لتساوي أجزائها.

أما إذا بيع الجنس بغير جنسه كبُر بشعير فلا يشترط المعيار الشرعي وهو الكيل، بل يجوز بيعه وزنًا؛ لأن التساوي ليس بشرط، وهكذا لو باع بزًا أو شعيرًا أو تمرًا بدراهم، جاز بيعها وزنًا لعدم شرط التساوي، والله تعالى أعلم.


(١) "الشرح الكبير" (١٢/ ١٣).
(٢) "السنن الكبرى" (٥/ ٢٩١).
(٣) "الاختيارات" ص (١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>