للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجنس: ما له اسم خاص يشمل أنواعًا، كالتمر جنس، وله أنواع كالسكري، والبرحي، والشقراء، والخِلَاصِ وغيرها. والبر جنس وله أنواع كاللقيمي، والمِعَية، والجريباء وغيرها مما هو معروف عند أهل التمور والحبوب، وهكذا ..

° الوجه الرابع: في الحديث بيان شيء من آداب المفتي، وهو أنه إذا سئل عن مسألة محرمة، فنهى عنها المستفتي أن يفتح له بدلًا عنها أبواب الحلال، ويرشده إلى الطرق المباحة التي تغني عنها؛ لأن المستفتي يريد مخرجًا مشروعًا مباحًا، بدليل أنه جاء يسأل، وما جاء يسأل إلا وفي قلبه شيء من التقوى دعاه إلى الحرص على أمر دينه وإبراء ذمته.

وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذا الرجل الطريق المباح الذي يسلم به من الربا، وهو أنه إذا أراد استبدال الرديء من الأموال الربوية كالتمر فإنه يبيعه بدراهم، ثم يشتري بالدراهم تمرًا جيدًا، ومثل ذلك الحنطة الرديئة أو الذهب الرديء ونحوهما.

° الوجه الخامس: الحديث دليل على تحريم التفاضل بين نوعي الجنس الواحد من الأشياء الربوية التي معيارها الوزن، لقوله: "وكذلك الميزان"، وذلك كالذهب والفضة وغيرهما مما يوزن ويجري فيه الربا، فلا يصح بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا وزنًا بوزن، ليحصل التساوي المشروط.

وأما الاستدلال بهذه الجملة على أن كل موزون يجري فيه الربا -كما ذكر المجد ابن تيمية (١) - ولا يجوز فيه التفاضل كالحديد والرصاص واللحم وسائر الموزونات فهذا غير ناهض؛ لأن لفظة: "وكذلك الميزان" مجملة، فتحمل على الذهب والفضة، ويكون معنى الحديث: وكذلك الميزان عند بيع الذهب والفضة -كما تقدم- جمعًا بين هذا الحديث وحديث عبادة وغيره (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) "نيل الأوطار" (٥/ ٢٢١).
(٢) انظر: "المحلى" (٨/ ٤٨١)، "المجموع" (٩/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>