للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: الحديث دليل على جواز المسح على الخفين في الوضوء بدلاً من غسل الرجلين، وذلك في السفر لهذا الحديث، وفي الحضر لحديث علي رضي الله عنه الآتي. ومثله حديث حذيفة رضي الله عنه (١).

ولا فرق في جواز المسح أن يكون لحاجة أم لا، فيجوز للمرأة الملازمة لبيتها، والمريض الذي لا يمشي، وقد نقل النووي الإجماع على ذلك (٢).

ويقاس على الخفين كل ما يستر الرجلين من الشراب واللفائف ونحو ذلك، كما سيأتي إن شاء الله.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن المسح على الخفين لمن كان لابساً لهما أفضل من خلعهما وغسل الرجلين، لقوله: (دعهما)، ولأن المسح من السنة الثابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد طعن فيها طوائف من أهل البدع، فكان إحياء ما طعن فيه المخالفون من السنة أفضل من إماتته (٣).

ومن يخلع خفيه عند كل وضوء فقد خالف السنة، ويخشى أن يكون فعله هذا تشبهاً بالرافضة.

وأما مع عدم اللبس فالأفضل الغسل، ولا يلبس ليمسح؛ لأن الغسل هو الأفضل حينئذٍ.

الوجه الخامس: الحديث دليل أن المسح يكون على مطلق الخف، فما سمي خفاً جاز المسح عليه، ولو كان فيه خرق أو شق على الصحيح من قولي أهل العلم؛ لأن السنة وردت بالمسح على الخفين مطلقاً دون تقييده بأوصاف زائدة، ولأن الخفاف في العادة لا يخلو كثير منها من فتق أو خرق، لا سيما مع تقادم عهدها، وكان كثير من الصحابة رضي الله عنهم فقراء لا يمكنهم تجديد ذلك، فما أطلقه الشرع لم يجز لأحد تقييده إلا بدليل شرعي، والصحابة رضي الله عنهم


(١) "التمهيد" (١١/ ١٤٥).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ١٦٧).
(٣) "التمهيد" (١١/ ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>