للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم ينقل عن أحد منهم تقييد الخف بشيء من القيود، بل أطلقوا المسح على الخفاف مع علمهم بأحوالها، فعلم أنهم كانوا قد فهموا عن نبيهم جواز المسح على الخفين مطلقاً (١).

فعلى هذا لا يصح اعتبار شروط لا أصل لها في الشرع، وتعود على مقصود الرخصة بالإبطال.

الوجه السادس: استدل بعض العلماء بقوله: «فإني أدخلتهما وهما طاهرتان» على أن إكمال الطهارة شرط في صحة المسح على الخفين، وأنه لا يلبسهما إلا بعد طهارة الرجلين جميعاً؛ لأن قوله: «وهما طاهرتان»، حال من كل واحدة من الرجلين، فيصير التقدير: أدخلت كل واحدة في حال طهارتها، وذلك إنما يكون بإكمال الطهارة، وعلى هذا فلو غسل الرجل اليمنى وأدخلها، ثم اليسرى وأدخلها لم يصح المسح؛ لأنه لم يدخلهما وهما طاهرتان، بل أدخل الأولى قبل طهارة الثانية، وهذا قول مالك، والشافعي، ورواية عن أحمد (٢)، وعند هؤلاء لو حصل ما ذكر وجب عليه أن يخلع اليمنى، ثم يلبسها مرة أخرى، ليكون لبسها بعد كمال الطهارة.

والقول الثاني: أن من غسل إحدى رجليه ولبس الخف، ثم غسل الأخرى ولبس الخف أن طهارته كاملة، ويجوز له المسح، وهذا قول الحنفية، وبعض الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد (٣)، قالوا: لأنه إذا غسل وجهه ويديه ومسح رأسه وغسل إحدى رجليه فقد طهرت رجله التي غسلها، فإذا أدخلها في الخف فقد أدخلها وهي طاهرة، ثم إذا غسل الأخرى من ساعته وأدخلها الخف فقد أدخلها وهي طاهرة، فقد أدخل مَنْ هذه صفته رجليه الخف وهما طاهرتان.

وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: (إن هذا الصواب


(١) "مجموع الفتاوى" (٢١/ ١٧٢).
(٢) "حاشية الدسوقي" (١/ ١٤٣)، "المجموع" (١/ ٥٤٠)، "الإنصاف" (١/ ١٧١ - ١٧٢).
(٣) "شرح فتح القدير" (١/ ١٤٧)، "المجموع" (١/ ٥٤٠)، "المغني" (١/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>