للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بلا شك) (١)، كما اختاره ابن القيم، وقال: (إنه أصح القولين) (٢).

وقوله: (فإني أدخلتهما طاهرتين) ليس نصاً فيما ذكره الأولون، بل يحتمل أن المعنى ما ذكر، ويحتمل أن المعنى أدخلت كل واحدة طاهرة، لكن قد يؤيد القول الأول حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوماً وليلة إذا تطهر، فلبس خفيه أن يمسح عليهما - وسيأتي إن شاء الله ـ، فقوله: (إذا تطهر فلبس) يفيد أنه لا يلبس قبل غسل الرجل اليسرى؛ لأن من فعل ذلك لم يصدق عليه أنه تطهر، وهذا هو الأحوط في هذه المسألة أنه لا يلبس الخفين إلا بعد كمال الطهارة، لكن من أخذ بالقول الثاني لم نجزم ببطلان طهارته وصلاته، لقيام الاحتمال.

الوجه السابع: الحديث دليل على شرط من شروط المسح على الخفين، وهو أن يلبسهما على طهارة، وظاهره أن المراد الطهارة بالماء؛ لأنها هي المراد عند الإطلاق، وهذا قول الجمهور (٣)، فلو لبسهما على طهارة التيمم لم يمسح عليهما عند وجود الماء؛ لأن طهارة التيمم لا تعلق للرّجْلِ بها، فلا يتحقق قوله: «وهما طاهرتان».

الوجه الثامن: حسن خلق النبي صلّى الله عليه وسلّم وتعليمه حيث منع المغيرة من خلعهما وبيّن له السبب، وهو أنه أدخلهما طاهرتين، وفي هذا ثلاث فوائد كما تقدم في حديث الهرة:

١ - اطمئنان النفس واقتناعها؛ لأنها إذا علمت علة الحكم اطمأنت، وإن كان المؤمن سيطمئن على كل حال، لكن زيادة ذكر علة الحكم كلها خير.

٢ - سمو الشريعة وأنه لا يوجد حكم إلا وله علة وحكمة.

٣ - شمول الحكم بشمول العلة، فكل ما تحققت فيه العلة ثبت فيه الحكمُ المعلّلُ بهذه العلة، والله تعالى أعلم.


(١) "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٢٠٩، ٢١٠).
(٢) "إعلام الموقعين" (٣/ ٣٨٢).
(٣) "فتح الباري" (١/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>