للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المقصود من الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه، وهو النهي عن بيع ما لم يفصَّل، أما جنس القلادة وقدر ثمنها فهذا لا يتعلق به ما يوجب الحكم بالاضطراب، ويؤخذ برواية الأحفظ، ويحكم على ما عداها بالشذوذ، ونظير ذلك ما تقدم في قصة جمل جابر - رضي الله عنه - وما ورد في مقدار ثمنه، وهذا كلام حسن، ذكره الحافظ (١)، وبه يجاب عن كل ما يشابه هذا الحديث.

° الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (اشتريت يوم خيبر) أي: يوم غزوة خيبر، وذلك بعد انتهاء المعركة وتقسيم المغانم، كما ورد في إحدى الروايات عند مسلم.

قوله: (قلادة) بكسر القاف، ما يجعل في العنق من حلي وغيره.

قوله: (خرز) بفتح الخاء والراء، جمع خرزة، وهي حبات مثقوبة تصنع من أي نوع، وتنظم في سلك، ويتزين بها.

قوله: (ففصلتها) بتشديد الصاد، أي: ميزت خرزها من ذهبها، فجعلت الذهب وحده، والخرز وحده، وذلك بعد الشراء.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على أنه لا يجوز بيع الذهب ومعه غيره بذهب إلا بعد نزع الذهب وتمييزه عن غيره ووزنه بمثله من الذهب، وهذا قول الشافعية، والحنابلة في قول (٢)، وذلك لأن الذهب إذا كان معه غيره ولم يميز فإنه لا يعلم مقداره، فإن التساوي بين اثني عشر دينارًا من الذهب، وبين ما في القلادة من الذهب مجهول، والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل في الحكم، كما تقدم، فيكون هذا من عقود الربا، لما ورد في حديث فضالة: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنًا بوزن"، وفي رواية لمسلم من طريق حنش قال: (كنا مع فضالة بن عبيد في غزوة، فطارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب وَوَرِقٌ وجوهر، فأردت أن أشتريها، فسألت فضالة بن عبيد، فقال: انزع ذهبها فاجعله في كفة، واجعل ذهبك في كفة، ثم لا تأخذن إلا مثلًا بمثل،


(١) "التلخيص" (٣/ ١٠).
(٢) "نهاية المحتاج" (٣/ ٤٤١)، "المغني" (٦/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>