للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذنَّ إلا مثلًا بمثل").

وهكذا الحكم في بيع أيِّ ربوي بربوي ومعه غيره، كالفضة مع غيرها بفضة، وكذا سائر الأصناف الربوية، ولذا تقدم النهي عن بيع الصبرة من التمر بالكيل المسمى من التمر؛ لعدم معرفة التساوي على التحقيق.

والقول الثاني في المسألة: أنه يجوز بيع الذهب المخلوط بغيره إذا كان الذهب المنفرد أكثر من الذي في القلادة ونحوها، لا مثله ولا دونه، وهذا قول الحنفية، وقريب منه رأي ابن تيمية (١).

قالوا: لأنه لا حيلة على الربا حينئذ؛ لأنه حصل الذهب في مقابلة الذهب، والزائد من الذهب في مقابلة المصاحب له من خرز ونحوه، فيصير كعقدين.

وأجابوا عن حديث فضالة بأن الذهب الذي في القلادة أكثر من اثني عشر دينارًا؛ لما جاء في بعض الروايات عند مسلم: (ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا .. ) وهذا الاستدلال غير واضح في نظري.

والقول الثالث: جواز البيع بشرط أن يكون التابع الثلث فأقل، وهذا رأي المالكية (٢). ومثّلوا لذلك بالسيف المحلى بالذهب ونحوه، قالوا: لأنه إذا كان قيمة الذهب الثلث فأقل فهو مغلوب ومكثور للجنس المخالف، والأكثر ينزل في غالب الأحكام منزلة الكل.

وفيه قول رابع: وهو جواز بيعه بالذهب مطلقًا مثلًا بمثل أو أقل أو أكثر، ونسب لحماد بن أبي سليمان (٣)، وهذا غلط مخالف لصريح الحديث،

ولعل قائله ما بلغه حديث القلادة.

والراجح هو القول الأول، وهو أنه لا يجوز بيع الذهب مع غيره


(١) "حاشية ابن عابدين" (٥/ ٢٧٣، ٣٢٦)، "الفتاوى" (٢٩/ ٤٥٣).
(٢) "الكافي" (٢/ ٦٧٢).
(٣) "المغني" (٦/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>