للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذهب، وكذا الفضة، حتى يفصل ذلك الغير ويميز، ووجه ذلك أن الحديث نص على علة المنع، وهي عدم الفصل حيث قال: (لا، حتى تفصل) وهذا يفيد عدم الفرق بين المساوي والأقل والأكثر؛ لأن فصله هو الطريق إلى تساوي العوضين، وهو شرط كما تقدم.

° الوجه الخامس: هذه المسألة التي يدور حولها الحديث اشتهرت عند الفقهاء باسم مسألة: (مُدُّ عجوة) والمد: مكيال معروف، ومقداره ربع صاع كما تقدم في "الزكاة"، والعجوة: ضرب من أجود أنواع التمر بالمدينة النبوية.

وضابطها كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية: بيع ربوي بجنسه ومعهما أو مع أحدهما صنف آخر من غير جنسه، مثل: لو باع صاع تمر ودرهم بصاع تمر ودرهم، أو باع صاعًا من التمر ودرهمًا بصاعين من التمر.

وقد ذكر الشيخ لهذه المسألة ثلاثة أقسام:

الأول: أن يكون المقصود بيع الربوي بجنسه متفاضلًا ويضم إلى الأقل من غير الجنس حيلة، مثل أن يبيع ألفي دينار بألف دينار في منديل، أو صاع حنطة بصاع حنطة وغِرارة (١) أو في زنبيل فهذا محرم، والحيلة ظاهرة؛ لأنه أراد مبادلة الألفين بالألف وجعل المنديل ليكون هناك تغير في الجنس، وإلا فمن المعلوم أنه لا يعجز أحد في ربا الفضل أن يضم إلى أحد العوضين شيئًا آخر.

الثاني: أن يكون المقصود بيع غير ربوي مع ربوي، وإنما دخل الربوي تبعًا وضمنًا كبيع شاة ذات لبن وصوف بشاة ذات لبن وصوف، فالربوي هنا -وهو اللبن والصوف، بناءً على أن العلة هي الوزن- دخل تبعًا وليس بمقصود، فهذا يجوز على الصحيح في مذهب مالك وأحمد (٢)، فكأنه باع شاة بشاة.


(١) الغرارة: بالكسر شبه العِدْل، والجمع: غرائر.
(٢) "حاشية الدسوقي" (٣/ ٤٠، ٤١)، "المغني" (٦/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>