للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذكر ابن قدامة (١) هذا الدليل، لكن الاستدلال به على ما ذُكر فيه نظر، فإنه عام فيما إذا كان الحيوان من جنس اللحم أو من غير جنسه (٢)، فإن كان من غير جنسه كلحم إبل بشاة جاز، لعموم: "إذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم"، ولحم الإبل جنس، والشاة جنس، وهذا قول مالك وأحمد (٣).

والقول الثاني: جواز بيع اللحم بالحيوان مطلقًا، سواء كان من جنسه أو من غير جنسه، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه (٤)، وعللوا لذلك بأنه باع مال الربا بما لا ربا فيه، أشبه بيع اللحم بالدراهم أو بلحم من غير جنسه.

والقول الثالث: أنه لا يجوز بيع اللحم بالحيوان مطلقًا، وهذا قول الشافعي (٥)، مستدلًّا بما روى ابن عباس - رضي الله عنهما -: (أن جزورًا نُحرت على عهد أبي بكر - رضي الله عنه - فقسمت على عشرة أجزاء، فقال رجل: أعطوني جزءًا منها بشاة، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: لا يصلح هذا) (٦)، قال الشافعي: (لا أعلم لأبي بكر مخالفًا من الصحابة) (٧).

والقول الرابع: التفصيل وهو إن أريد بالحيوان اللحم فهذا لا يجوز؛ لأنه باع لحمًا بلحم من غير تماثل، وإن أريد به الانتفاع بركوب أو تأجير أو حرث أو غير ذلك فلا بأس، وكذا لو كان من غير جنسه، وهذا رأي ابن تيمية وابن القيم (٨).


= وجه ثابت"، وقال عن المرسل: "هذا أحسن إسناده"، وانظر: "إعلام الموقعين" (٢/ ١٤٥)، والحديث حسنه الألباني في "الإرواء" (٥/ ١٩٨).
(١) "المغني" (٦/ ٩٠).
(٢) "الشرح الممتع" (٨/ ٤٠٣).
(٣) "الكافي" (٢/ ٦٥٠)، "المغني" (٦/ ٩٠).
(٤) "تبيين الحقائق" (٤/ ٩١).
(٥) "نهاية المحتاج" (٣/ ٤٤٤).
(٦) أخرجه الشافعي (٢/ ٩٢)، والبيهقي (٥/ ٢٩٧) وإسناده ضعيف؛ لأن فيه أبا صالح مولى التوأمة وهو ضعيف، لكن له شواهد، انظر: "الإرواء" (٥/ ١٩٧).
(٧) انظر: "مختصر المزني" [المطبوع في آخر كتاب "الأم"] ص (١٧٦).
(٨) "الإختيارات" ص (١٢٨)، "إعلام الموقعين" (٢/ ١٤٦)، "الشرح الممتع" (٨/ ٤٠٤، ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>