للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما الآية التي استدل بها القائلون بالجواز فهي عامة، وقد خُصص منها بيع العينة بالأحاديث الثابتة، كما خص منها بيع الغرر ونحوه، وأنتم تقولون بتحريمه. وأما حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - فهو مطلق قيدته الأحاديث التي تنهى عن العينة (١).

فإن اشترى السلعة وباعها على آخَرَ غيرِ من اشتراها منه لم تكن من مسألة العينة، وإنما هي مسألة التورق، وهي أن يشتري من يحتاج المال سلعةً مؤجلة بأكثر من قيمتها، ثم يبيعها على أجنبي نقدًا، كأن يحتاج خالد إلى مال لغرضٍ ما، ولم يجد من يقرضه، فيشتري من عليٍّ (٢٥) كيسًا من الرز -مثلًا- بخمسة آلاف ريال مؤجلة إلى سنة، ثم يبيعها على محمد بأربعة آلاف نقدًا ليسد حاجته، وبهذا يتبين أن الغرض من هذه المعاملة هو تحصيل الدراهم للحاجة إليها، وهذا محل النزاع، أما لو اشترى السلعة لقصد التجارة، أو لقصد الانتفاع بها كالأكل والشرب واللبس ونحوها فهذا يجوز بالإجماع (٢).

والتورق في اللغة: مأخوذ من الوَرِقِ، والورِق له عدة معانٍ في اللغة، ومنها: الدراهم والمال بجميع أنواعه (٣)، وسميت بهذا الاسم؛ لأن مشتري السلعة يبيعها بالورق، وهو الفضة.

وأكثر الفقهاء يذكرونها ضمن صور العينة، إلا فقهاء الحنابلة فإنهم يفردونها بالذكر، ولا يجعلونها من صور العينة (٤).

وقد اختلف الفقهاء فيها على ثلاثة أقوال:

الأول: أنها مكروهة، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، ورواية عن أحمد (٥)؛ لأن فيها إعراضًا عن مبرة القرض التي حث عليها الإسلام.


(١) راجع: رسالة "بيع العينة" تأليف: حمد بن عبد العزيز الخضيري.
(٢) "الفتاوى" (٢٩/ ٤٤٢، ٤٤٦، ٤٤٧).
(٣) "الصحاح" (٤/ ١٥٦٥)، "تهذيب اللغة" (٩/ ٢٨٩).
(٤) "الفروع" (٤/ ١٧١)، "رسالة بيع العينة" ص (٧٦).
(٥) "حاشية ابن عابدين" (٥/ ٣٢٦)، "حاشية الدسوقي" (٣/ ٨٩)، "الإنصاف" (٤/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>