للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول الثاني: أنها محرمة، وهذا قول عمر بن عبد العزيز، ورواية عن أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (١)، ومال إليه ابن القيم (٢)؛ لأن الغرض منها أخذ دراهم بدراهم، ودخلت السلعة بينهما تحليلًا.

والقول الثالث: أنها جائزة، وهو قول إياس بن معاوية، ومذهب الحنابلة، واختار ذلك الشيخ محمد بن إبراهيم، وعبد العزيز بن باز، وأجازها الشيخ محمد بن عثيمين بشروط (٣).

واستدلوا على الجواز بأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إما عين السلعة وإما عوضها، وكلاهما غرض صحيح.

والأظهر -والله أعلم- القول بجوازها، بشرط أن يكون صاحبها محتاجًا إلى دراهم ولا يجد من يقرضه، فإذا اشترى من زيد سلعة -وهي في ملكه وحوزته- إلى أجل كسيارة أو أكياس من الرز أو الهيل أو غير ذلك ثم قبضها وحازها، ثم باعها في سوق من يزيد أو على من شاء بثمن معجَّل ليتزوج أو ليقضي دينًا أو ليعمر سكنًا أو ما أشبه ذلك، فالصواب أنه لا حرج في ذلك، لأمور ثلاثة:

١ - النصوص العامة في الشريعة التي تدل على أن الأصل في المعاملات الحل، إلا ما ورد الدليل بتحريمه، وليس في الأدلة ما يمنع هذه المعاملة.

٢ - عموم الأدلة على جواز المداينات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَينٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] والتورق نوع من المداينات الداخلة في عموم الآية.

٣ - وجود الحاجة إليها، فيكون في منعها تضييق على الناس، إذ ليس


(١) "الفتاوى" (٢٩/ ٤٣٤، ٤٤٧).
(٢) "تهذيب مختصر السنن" (٥/ ١٠٨، ١٠٩).
(٣) "تهذيب مختصر السنن" (٥/ ١٠٨)، "الإنصاف" (٤/ ٣٣٧)، "فتاوى ابن إبراهيم" (٧/ ٦١)، "فتاوى ابن باز" (١٩/ ٩٦، ٩٩)، "رسائل فقهية" لابن عثيمين ص (١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>