للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به الماء) (١).

وعلى هذا فالرشوة مشتقة من الرشاء، وهو الحبل الذي يربط به الدلو ليصل إلى الماء في البئر، وهذا هو الأظهر؛ لأن وجه الشبه عليه أتم، من حيث إن إعطاء الراشي الرشوة ليصل إلى غرضه، يشبه ربط الدلو بالرشاء ليمتلئ بالماء.

وأما حقيقة الرشوة فهي: ما يدفع من مال ونحوه كمنفعة، ليتوصل به إلى ما لا يحل.

فالرشوة قد تكون مالًا، وهذا هو الغالب، وقد تكون منفعة يمكِّنه منها، أو يقضيها له.

قوله: (والمرتشي) هو اسم فاعل من ارتشى، وهو آخذ الرشوة، وهو لفظ عام؛ لأن (أل) الموصولة من صيغ العموم، فيشمل كل من أخذ الرشوة من حاكم أو قاضٍ أو وزير أو وكيل أو موظف وغيرهم.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم الرشوة وأنها من كبائر الذنوب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد توعد أكلة الرشوة والمتعاملين بها بالطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى.

والرشوة من أنواع السحت الذي ذم الله تعالى به اليهود، فقال: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: ٤٢]، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - وغير واحد من السلف: السحت: الرشوة. نقله ابن جرير وغيره (٢). وقال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَينَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨]، قال البغوي: (إن الآية شاملة لجميع وجوه الباطل، ومنها الرشوة) (٣).

والرشوة مجالاتها متعددة، فقد تكون الرشوة في الحكم بأن يحكم له


(١) "النهاية" (٢/ ٢٢٦).
(٢) "تفسير الطبري" (١٠/ ٣١٨).
(٣) "تفسير البغوي" (١/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>