للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بما لا يستحق، أو يلقنه الحجة، أو يتهاون في تنفيذ الحكم، ونحو ذلك، وهذا سيأتي -إن شاء الله- في كتاب "القضاء".

وقد تكون الرشوة في غير الحكم، فتكون في الوظائف والمسابقات، وقد تكون في تنفيذ المشاريع، بأن يبذل أحد المنفذين رشوة للمسؤول فيرسو المشروع عليه مع أن غيره أحق به وأنصح له، وقد تكون الرشوة في تحقيق جناية أو حادث فيتساهل المحقق من أجل الرشوة، وقد تقع الرشوة في التعليم فينجح من أجلها من لا يستحق النجاح، أو تقدم له أسئلة الاختبار أو يشار إلى مواضعها من المقررات، أو نحو ذلك فيتقدم هذا الطالب مع ضعف مستواه العلمي، ويتأخر من هو أحق منه.

* الوجه الرابع: جاء في "المسند" وغيره من طريق ليث بن أبي سليم، عن أبي الخطاب، عن أبي زرعة، عن ثوبان - رضي الله عنه - قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي والرائش: يعني الذي يمشي بينهما" (١).

وهذا الحديث بهذه الزيادة وهي لعن الرائش، وهو الوسيط بين الراشي والمرتشي ضعيف، لضعف ليث بن أبي سليم واضطرابه في رواية هذا الحديث، وشيخه أبو الخطاب قال عنه البزار وتبعه المنذري: (لا يعرف). وقال الذهبي: (مجهول). وأبو زرعة -وهو يحيى بن أبي عمرو السيباني- روايته عن ثوبان مرسلة، فتكون زيادة منكرة (٢).

والرائش ليس بركن أساسي في تعاطي الرشوة، لإمكان تحقيقها مباشرة بين الراشي والمرتشي بدونه، وإنما هو مجرد شريك، ولهذا -والله أعلم- لم يثبت لعنه مع الراشي والمرتشي، لكنه على خطر عظيم؛ لأن كل من أعان على باطل فهو آثم، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢]، وقد تقدم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: "هم سواء"، فإذا لُعِنَ هؤلاء على تعاطي الربا والمشاركة فيه، فالمشارك في تعاطي الرشوة على خطر عظيم.


(١) "المسند" (٣٧/ ٨٥).
(٢) راجع "السلسلة الضعيفة" (٣/ ٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>