للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلة الثانية: الإرسال، وذلك أن كاتب المغيرة يرويه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يدركه، كما تقدم في رواية ابن المبارك، وهذا ما رجحه البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، قال الترمذي: (سألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: لا يصح هذا … وذكر كلام ابن المبارك .. وسألت أبا زرعة، فقال نحواً مما قال محمد بن إسماعيل) (١)، وقال ابن أبي حاتم: (سألت أبا زرعة وأبي عن هذا الحديث فقالا: هذا أشبه) يعني: طريق ابن المبارك الذي فيه عدم ذكر المغيرة (٢).

وفيه علة ثالثة وهي: جهالة كاتب المغيرة، كما في سياق أبي داود والترمذي، ذكر ذلك ابن حزم (٣) لكنها علة غير قادحة، فقد سُمّيَ في رواية ابن ماجه: (ورّاداً)، وهو ثقة مشهور احتج به الستة.

وقصارى القول أن سند الحديث ضعيف، لما تقدم، وضَعَّفَهُ أئمة هذا الشأن: البخاري، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والدارقطني، وغيرهم.

هذا ما يتعلق بالإسناد، أما المتن فإن الأحاديث الصحيحة على خلافه، فإنها قد تضافرت على ذكر المسح على ظاهر الخف، وليس على باطنه، ومما يؤيد أن المسح على باطن الخف لم يكن معروفاً:

الحديث الثاني: الذي يليه، وهو ما أخرجه أبو داود (١٦٢) من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد خير، عن علي رضي الله عنه.

وقد تفرد به عن أصحاب الكتب الستة، وقد حسن الحافظ إسناده هنا مع أنه أورده في «التلخيص» وقال: (إسناده صحيح) (٤)، وصححه أحمد شاكر (٥)، قال الألباني: (هذا هو الصواب) (٦)، وعبد خير هو ابن يزيد الهمداني، وثقه ابن معين والعجلي، وتقدم له ذكر في أول «الوضوء».

وقد اختلف في لفظ هذا الأثر، ورجح الدارقطني في «العلل» (٤/ ٤٦) أن الصحيح فيه قول من قال: (كنت أرى باطن الخفين أحق بالمسح من أعلاهما) (٧).


(١) "العلل الكبير" (١/ ١٨٠).
(٢) "علل الحديث" (١/ ٣٨، ٥٤).
(٣) "المحلى" (٢/ ١١٤).
(٤) "التلخيص" (١/ ١٦٩).
(٥) "تحقيق المسند" (٩١٧).
(٦) "إرواء الغليل" (١/ ١٤٠).
(٧) انظر: "موسوعة أحكام الطهارة" (٥/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>