للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الرابع: الحكمة من النهي عن بيعها:

١ - أنها قبل بدو صلاحها لا منفعة فيها للمشتري، فيكون المشتري بذل ماله فيما لا نفع فيه، ويكون البائع أكل مال أخيه بالباطل، ويكون المشتري وافق البائع على أمر محرم وأضاع ماله، وقد نهينا عن ذلك.

٢ - أنها قبل بدو صلاحها معرّضة لكثير من الآفات التي تنقص مقدارها، أو تقلل من جودتها، أو تتلفها، وهذا نوع من الغرر، وفي حديث جابر - رضي الله عنه - الآتي: "بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ ".

٣ - قطع أسباب التنازع والتخاصم بين المتعاقدين، وإزالة أسباب العداوة والبغضاء بين المسلمين؛ لأن بيعها قبل صلاحها وسيلة لذلك.

* الوجه الخامس: لا خلاف بين العلماء في أنه لا يجوز بيع جنس من الثمار إذا بدا الصلاح في جنس آخر، فإذا بدا الصلاح في النخيل لم يجز بيع العنب؛ لأنه جنس آخر، كما أنه لا خلاف بين العلماء أن الشجرة الواحدة إذا بدا صلاحها جاز بيعها.

وإنما الخلاف في جواز بيع النوع الواحد والجنس الواحد إذا بدا الصلاح في بعض أشجاره.

وأظهر الأقوال في هذه المسألة أنه إذا بدا الصلاح في شجرة جاز بيع سائر أنواعها في البستان دون الأنواع الأخرى، فإذا بدا الصلاح في شجر العنب جاز بيعه كله، وإذا بدا الصلاح في التين جاز بيعه كذلك، وإذا بدا في النخل السكري أو النخلة الشقراء جاز بيعه، لكن لو بدأ في السكري لم يجز بيع غيره مما لم يبد صلاحه، وهذا قول عند الشافعية، وأظهر الروايتين عن أحمد (١).

لأن اعتبار بدو الصلاح في جميع الأشجار يشق، ويؤدي إلى الاشتراك واختلاف الأيدي في النوع الواحد، وهذا فيه ما فيه، فوجب أن يتبع ما لم يبد


(١) "المغني" (٦/ ١٥٦)، "تكملة المجموع" (١١/ ٣٦٠ - ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>