للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"تصدقوا عليه … " الحديث (١)، وسيأتي -إن شاء الله- في باب "الحجر".

ووجه الاستدلال: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخرج الرجل من جميع ماله لأجل غرمائه، ولم يسقط عنه شيئًا لأجل الجائحة، فدل على عدم وجوب وضع الجوائح.

وأجابوا عن حديث الباب، وهو حديث جابر - رضي الله عنه -، بعدة أجوبة، ومنها: أن الأمر فيه محمول على الندب، بدليل حديث أنس - رضي الله عنه - كما تقدم، ومنها: أنه محمول على ما لم يقبض، أو لم يبدُ صلاحه، وغير ذلك من الأجوبة، وكلها غير ناهضة لا تناسب ظاهر الحديث (٢).

وعلى هذا فالراجح هو القول الأول، لقوة دليله وصراحته في هذه المسألة.

أما حديث أنس - رضي الله عنه -، فليس فيه دليل على عدم وضع الجوائح، وإنما هو دليل على النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها، ووضع الجوائح إنما هو بعد بدو الصلاح لا قبله، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا بعت من أخيك ثمرة فأصابتها جائحة .. "، والبيع المطلق لا ينصرف إلا إلى البيع الصحيح، لا البيع المنهي عنه.

وأما حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - فهو حديث مجمل إذ ليس فيه أن الرجل أصيب بجائحة، وليس فيه أنه طلب وضع الجائحة، ولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع وضع الجائحة، فالحديث يطرقه احتمالات عديدة، فلعل هذا الرجل أصيب في هذه الثمار بانحطاط سعرها، أو لعلها جائحة خاصة كسرقة، وعلى أي حال فالاستدلال بهذا الحديث من باب رد المحكم والأخذ بالمتشابه، والله تعالى أعلم (٣).


(١) أخرجه مسلم (١٥٥٦).
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٠/ ٢٧٣، ٢٧٤).
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٠/ ٢٧٣)، "إعلام الموقعين" (٢/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>