للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البيع وتكون للمشتري، وهذا من باب التخصيص بالصفة، وهذا قول الجمهور، ومنهم: الليث بن سعد، ومالك، والشافعي، وأحمد (١).

والقول الثاني: أن الثمرة تكون للبائع مطلقًا قبل التأبير وبعده، وهذا مذهب الحنفية (٢)، وليس لهم دليل إلا العمل بمنطوق الحديث، وإلغاء مفهوم الصفة على قاعدتهم.

والراجح هو القول الأول؛ لقوة دليله وصراحته في الدلالة على المراد، فإن الحديث برواياته قيد ملكية البائع للثمرة بالتأبير، مما يدل على أن ما لم يؤبر يخالفه في الحكم، وإلا لما كان للصفة المنصوص عليها فائدة.

والتأبير الذي جاء في السنة هو تأبير النخل، وأما غيره فهو مقيس عليه.

* الوجه الرابع: اختلف القائلون بحديث الباب في الصفة المعتد بها في التأبير، فمنهم من قال: إن الصفة المعتد بها هي فعل التأبير لا مجرد التشقق، وهذا قول عند المالكية، ورواية عن أحمد، نصرها شيخ الإسلام ابن تيمية (٣)، مستدلين بقوله: (قد أبرت) والتأبير: هو التلقيح، ولا يكون إلا بفعل آدمي.

ومنهم من قال: إن الصفة المعتد بها هي تشقق الطلع ووقت الإبار وإن لم يلقح، وهذا قول عند المالكية، وقول الشافعي، والمشهور عند الحنابلة (٤)، وحجتهم: أن العبرة بظهور الثمرة، فلا فرق بين أن تظهر بعلاج أو بغير علاج، وهي تتشقق وتكسب اللقاح بالرياح اللواقح.

والراجح هو الأول، وهو أنه لا بد من التلقيح، لأمرين:

١ - أن هذا وصف نص عليه الحديث، فهو معتبر، ولا يجوز إلغاؤه.

٢ - أن التأبير فيه كلفة ومشقة إن قام به الفلاح بنفسه، وفيه نفقة إن


(١) "المنتقى" للباجي (٣/ ٢١٥)، "روضة الطالبين" (٣/ ٥٤٨)، "المغني" (٦/ ١٣٣).
(٢) "بدائع الصنائع" (٥/ ١٦٤).
(٣) "بداية المجتهد" (٣/ ٣٦٥)، "الشرح الكبير مع الإنصاف" (١٢/ ١٥٦)، "الإنصاف" (٥/ ٦٠).
(٤) المصادر السابقة، "تكملة المجموع" (١١/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>