للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استأجر من يؤبر؛ لأن التأبير يحتاج إلى صعود النخلة، ويحتاج إلى إزالة الأشواك ليتمكن من تأبيرها، وهذا ليس بالأمر السهل، مما يؤدي إلى تعلق نفس البائع بهذه الثمرة.

* الوجه الخامس: الحديث دليل على أن المشتري إذا اشترط الثمرة مع الأصل أن له ذلك، لقوله: "إلا أن يشترط المبتاع"، ولأن هذا استثناء تَبِعَ الأصل، سواء كانت الثمرة مؤبرة أم لا، كما أن البائع له أن يشترط الثمرة ولو قبل التأبير؛ لأن هذا استثناء لبعض ما وقع عليه العقد، وهو شيء معلوم فصحَّ، كما لو استثنى نخلة بعينها من المزرعة المبيعة، وهذا وإن كان فيه بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، لكنه رخص فيه؛ لأنه تابع للأصل وليس مستقلًا، والقاعدة: "يصح تبعًا ما لا يصح استقلالًا".

* الوجه السادس: الراجح من قولي أهل العلم أن الثمرة إذا كانت للبائع بتأبيرها أو بكونه قد اشترطها على المشتري أن له إبقاءها على رؤوس الشجر إلى وقت الجذاذ، وهذا قول المالكية والشافعية والحنابلة؛ لأن المرجع في النقل والتفريغ للمبيع إلى العرف والعادة، وقد جرت العادة أن تفريغ ما في النخل هو وقت الجذاذ؛ لأنه هو وقت الانتفاع بها، ويكون للبائع حق الاستطراق في الأرض المبيعة ما دامت ثمرته فيها (١)، ويستثنى من الإبقاء إلى الجذاذ ما جرت العادة بأخذه بسرًا أو ما بُسره خير من رطبه مثل البرحي، فإن كان كذلك فإنه يجدُّهُ حين استحكام حلاوة بسره، قاله الزركشي وغيره (٢).

وأما قول من قال: يجب على البائع قطعها في الحال، كما هو مذهب الحنفية فهو ضعيف؛ لأن إجبار البائع على قطعها ينافي المعنى الذي من أجله جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الثمرة المؤبرة للبائع، وهو استفادته منها، فيكون حظه التعب والخسارة إذا أمر بقطعها (٣).


(١) انظر: "المنتقى" للباجي (٤/ ٢١٥)، "المغني" (٦/ ١٥٥).
(٢) "الشرح الكبير مع الإنصاف" (١٢/ ١٥٨ - ١٦٠).
(٣) انظر: "الجوائح وأحكامها" ص (١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>