للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وفي رواية: والزيت) أي: في رواية عند البخاري من طريق جرير، عن سليمان الشيباني أنه قال: "في الحنطة والشعير والزبيب" (١). وكان الأولى أن يقول الحافظ في السياق: ( … والزيت، وفي رواية: والزبيب)؛ لأن رواية الزيت هي الأصل، كما تقدم سياق إسنادها.

قوله: (قيل: أكان لهم زرع) لفظ البخاري: (قال: قلت: أكان لهم زرع) والقائل هو محمد بن أبي مجالد راوي الحديث عن عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على جواز السلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر أهل المدينة على هذه المعاملة، ولأنه نوع من البيوع؛ لأنه بيع إلى أجل، فهو داخل في عموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيعَ} [البقرة: ٢٧٥]. وقد دل القرآن على جواز السلم في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَينٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: ٢٨٢] ووجه الدلالة من الآية: أن الآية أباحت الدين، والسلم نوع منه. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمَّى قد أحله الله في كتابه، وأذن فيه، ثم قرأ هذه الآية) (٢).

وقد أجمعت الأمة على جوازه، وهو على وفق القياس؛ لأن فيه مصلحة للبائع والمشتري، أما المشتري فلأنه ينتفع بشراء السلعة بأقل من ثمنها الحاضر؛ لأن المؤجل أرخص من الحال، وأما البائع فلأنه ينتفع بتعجيل الثمن، وليس فيه غرر، وليس هو من باب بيع ما ليس عندك المنهي عنه؛ لأن السلم لم يقع العقد فيه على شيء معين حتى نقول: إنه معدوم، وإنما وقع على شيء موصوف في الذمة لا بد من تسليمه إذا حلَّ الأجل، فالسلم متعلق بالذمم لا بالأعيان، كدار أو شجرة ونحوهما؛ لأن ذلك ربما يتلف قبل أوان


(١) "صحيح البخاري" (٢٢٤٥).
(٢) أخرجه الشافعي (٢/ ٩٥)، والحاكم (٢/ ٢٨٦)، والبيهقي (٦/ ١٨)، وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين)، وتعقبه الذهبي، وردَّ عليه الشيخ أحمد شاكر في تخريج أحاديث "تفسير الطبري" (٦/ ٤٥)، كما تعقب الحاكمَ الألبانيُّ بأن الحديث صحيح على شرط مسلم وحده، انظر: "الإرواء" (٥/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>