للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التسليم، ولأنه يمكن بيعه في الحال، فلا حاجة إلى السلم فيه، بل يأخذ العين بدل دراهمه وينتهي الأمر.

ومما يدل على أن السلم متعلق بالذمة لا بالأعيان قوله: "قيل: أكان لهم زرع؟ قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك"، فهذا يدل على أن السلم ليس متعلقًا بعين معينة، ولهذا لم يكونوا يسألونهم: هل لهم زرع أو لا؟.

ثم إن الحاجة داعية إلى السلم؛ لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات والصناعات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها لتكمل، وقد تعوزهم النفقة، فيجوز لهم السلم ليرتفقوا، ويرتفق دافع مال السلم بالاسترخاص (١).

° الوجه الخامس: عناية الإسلام بمصالح العباد وما يتعلق ببيعهم وشرائهم، حيث أقرهم على السلم، ثم بيّن لهم أحكامًا تبعدهم عن الغرر والمنازعات.

° الوجه السادس: يشترط في السلم ما يشترط في البيع؛ لأنه أحد أنواعه ويزيد السلم شروطًا قُصِدَ بها ضبطه وإبعاده عن الخصام والنزاع بسبب كونه مؤجلًا، وهذه الشروط دل عليها هذا الحديث، وهي ثلاثة:

الأول: إمكان ضبط صفات المسلم فيه -وهو الشيء المبيع- والمراد الصفات التي لها أثر في اختلاف الثمن، لترتفع الجهالة، وتُسدُّ الأبواب التي تفضي إلى المنازعات عند التسليم، وهذا يكون فيما يمكن ضبط صفاته، ومنه المكيل والموزون، كمائة صاع من البر أو التمر أو الشعير ونحوها من المكيلات، أو مائة كيلو من السمك أو اللحم أو القطن ونحوها من الموزونات.

وخص النبي - صلى الله عليه وسلم - الكيل والوزن بالذكر لغلبتهما، وللتنبيه على غيرهما، والمقصود أن كل شيء يمكن ضبط صفاته يجوز السلم فيه، وكل شيء لا يمكن ضبط صفاته لا يجوز السلم فيه، وهو ما يختلف في الصغر والكبر


(١) انظر: "إعلام الموقعين" (١/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>