للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كالبقول والجلود ونحوها إلا إن أمكن ضبطها بالوزن أو بالوصف. ولو أسلم في المكيل وزنًا كَبُرٍّ وتمر صح على الراجح؛ لأن الغرض معرفة قدره فبأي شيء قدَّره جاز، وعمل الناس من أزمنة بعيدة إلى يومنا هذا على بيع التمر وزنًا، ويلحق بالموزون والمكيل: المعدود، كالفواكه والبقول والأسطال والأباريق ونحو ذلك مما يمكن ضبطه بالصفات، والمذروع كالثياب والخيوط والحبال ونحوها، بجامع ارتفاع الجهالة بمعرفة المقدار، خلافًا لابن حزم حيث خص السلم بالمكيل والموزون فقط اقتصارًا على النص (١).

الشرط الثاني: أن يكون مؤجلًا، ولا بد في الأجل أن يكون معلومًا، وهذا يدل عليه ظاهر الحديث؛ لأن عدم تحديد الأجل يفضي إلى الخصومة والنزاع والغرر؛ لأن صاحب الحق لا يدري متى يحصل له حقه، والمدين لا يدري متى يطالب؟.

ويتم العلم بالأجل بتقدير مدته بالأهلّة، مثل: أول شهر ربيع الأول، أو منتصف رجب، أو بعد سنة، أو بعد ستة أشهر، أو نحو ذلك. ولا خلاف بين العلماء أن السلم المؤجل لا بد فيه من ذكر أجل معلوم، إلا أن المالكية قالوا: إن الأيام المعلومة عند الناس كالمنصوصة، فيجوز التأجيل إلى وقت حصاد الزرع أو جذاذ النخل ونحو ذلك، وهذا رواية عن الإمام أحمد، اختارها صاحب الفائق، وشيخ الإسلام ابن تيمية (٢).

فإن كان السلم حالًّا، أوكان الأجل مجهولًا لم يصح، وهذا مذهب ابن عباس -كما تقدم- وأبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما - والأسود بن يزيد النخعي، والحسن البصري، ذكر ذلك البخاري في "صحيحه" (٣)، ونسب الشوكاني القول باشتراط الأجل إلى الجمهور (٤).

وقالت الشافعية: يجوز حالًّا؛ لأنه إذا جاز مؤجلًا مع الغرر فجوازه حالًّا أولى، فهم أجازوه بقياس الأَوْلَى.


(١) "المحلى" (٩/ ١٠٥).
(٢) "حاشية الخرشي" (٦/ ٧٧)، "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٥٢)، "الإنصاف" (٥/ ٩٩ - ١٠٠).
(٣) "فتح الباري" (٤/ ٤٣٤).
(٤) "نيل الأوطار" (٥/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>