للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: وليس ذكر الأجل في الحديث لأجل اشتراطه، وإنما معناه: أنه إن كان السلم مؤجلًا فليكن الأجل معلومًا.

ورجح الشوكاني قول الشافعية لعدم ورود دليل يدل على اشتراطه، ولا يلزم التعبد بحكم شرعي إلا بدليل، والحديث ليس نصًّا في اشتراط الأجل، وإنما هو نص في اشتراط الأجل المعلوم، وبينهما فرق؛ لأنه على الثاني إن كان مؤجلًا فلا بد أن يكون الأجل معلومًا.

ومما يرجح قول الجمهور أن السلم شرع لأجل الإرفاق، وهو لا يظهر في السلم الحالِّ، وإنما في السلم المؤجل.

الشرط الثالث: تسليم رأس المال في مجلس العقد، فلو تفرقا قبله بطل العقد، وهذا مأخوذ من قوله: "فليسلف" والسلف في اللغة: هو الإعطاء، فيكون معنى "فليسلف": فليعط؛ لأنه لا يقع اسم السلف فيه حتى يعطيه، وإلا يكون غير مسلي شيئًا. فالسلف: هو البيع الذي عُجِّلَ ثمنه وأُجِّلَ مثمنه، فاستنبطوا اشتراط قبض الثمن في المجلس من هذا الحديث، ولئلا يصير من باب بيع الدين بالدين، المنهي عنه، ولأنه إذا لم يقبض رأس المال في المجلس صار العقد عديم الفائدة للطرفين، لبقاء ذمة كل واحد من العاقدين مشغولة بغير فائدة (١). وهذا الشرط مجمع عليه، إلا أن الإمام مالكًا يجيز التأجيل اليسير كيومين أو ثلاثة، وقد اختار ابن عبد البر المالكي مذهب الجمهور، فقال: (والذي به أقول: أنه لا يجوز فيه إلا تعجيل النقد، وإلا دخله الكالئ بالكالئ؛ أي: الدين بالدين) (٢).

° الوجه السابع: الحديث دليل على أنه لا يشترط كون المسلم فيه موجودًا حال العقد؛ لأنه ليس وقت وجوب التسليم، فيجوز أن يسلم في الرطب وقت الشتاء -مثلًا- مع أن الشتاء ليس فيه رطب.

ووجه الدلالة من الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر الوجود، ولو كان شرطًا


(١) "نظرية العقد" لابن تيمية ص (٢٣٥).
(٢) "الكافي" (٢/ ٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>