للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (لبن الدَّرِّ) بفتح الدال المهملة وتشديد الراء، هو اللبن، أو الكثير منه، وهو من إضافة الشيء إلى نفسه، مثل: قَمْحِ بُرٍّ، وكقوله تعالى: {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: ٩]، والدر: مصدر بمعنى اسم الفاعل؛ أي: الدارة، والمراد: ذات الضرع واللبن، يقال: در الضرع: امتلأ لبنًا، ودر الضرع: سال باللبن.

قوله: (يشرب بنفقته) أي: يشرب لبن الحيوان المرهون كالبقرة أو الشاة -مثلًا- مقابل نفقته.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية الرهن، وهو مجمع عليه في الجملة؛ لأنه من العقود الشرعية التي تحفظ به الحقوق، ويستحصل منها الدين إذا تعذر الحصول عليه من المدين.

ومن الأدلة على مشروعيته: قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] والمعنى: وإن كنتم على سفر وهي حالة يعدم فيها الكاتب غالبًا فالوثيقة رهان، يقبضها من له الحق، ليستوثق بها، ومن الأدلة -أيضًا-: حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي تقدم قريبًا.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على جواز رهن الحيوان؛ ويؤخذ من ذلك أن كل عين يجوز بيعها فإنه يجوز رهنها؛ لأن المقصود من الرهن -كما تقدم- توثقة الدين، بحيث إذا تعذر الاستيفاء من ذمة الراهن فإنه يستوفى من ثمن الرهن، وهذا يتحقق في كل عين يجوز بيعها.

° الوجه الخامس: اختلف العلماء في استحقاق المرتهن الانتفاع بالرهن في مقابل نفقته على أقوال ثلاثة:

الأول: أنه يجوز انتفاعه به إذا قام بنفقته، وهذا مختص بالمركوب والمحلوب من الحيوان، وعليه أن يتحرى العدل في الحلب والركوب، وهذا مذهب أحمد وإسحاق (١)، واستدلوا بهذا الحديث. لكن اعترض على استدلالهم بأن الحديث مجمل لم يبيِّن من الذي يركب ويشرب، هل هو


(١) "المغني" (٦/ ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>