للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الراهن أم المرتهن؟ وقد أجابوا عن هذا الاعتراض بأن سياق الحديث دل على أن الفاعل هو المرتهن؛ لأنه جعل الانتفاع بالرهن في مقابل النفقة، وذلك يختص بالمرتهن، وأما الراهن فينتفع بالرهن لكونه ملكه، وهو ينفق عليه بكل حال.

ثم إنه جاء حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند أحمد من طريق هُشيم، عن زكريا، عن الشعبي، عنه بلفظ: "إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها، ولبن الدر يشرب، وعلى الذي يشربه نفقته، ويَركب" (١). فتكون هذه الرواية مفسرة لحديث الباب.

أما ما لا يحتاج إلى نفقة كالدار والمتاع والسيارة ونحوها فلا يجوز للمرتهن الانتفاع به بغير إذن الراهن، قال ابن قدامة: (لا نعلم في هذا خلافًا؛ لأن الرهن ملك الراهن، فكذلك نماؤه ومنافعه، فليس لغيره أخذهما بغير إذنه) (٢).

فإن كان الحيوان لا يركب عادة كالبقر والغنم أو لا يصلح للركوب لكونه هزيلًا، أو ليس فيه لبن، فإن المرتهن ينفق على الحيوان، ويحسب ذلك على الراهن إذا لم يتبرع بذلك.

القول الثاني: أن المرتهن لا ينتفع بشيء من المرهون مطلقًا؛ لأنه ملك غيره لم يأذن له في الانتفاع به، ولا الإنفاق، فلم يكن له ذلك كغير الرهن، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية، والمالكية، والشافعية، ورواية عن الإمام أحمد (٣).

وقالوا: إن الحديث مخالف للقياس من وجهين:


(١) "المسند" (١٢/ ٢٣)، وأخرجه أيضًا الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٩٩)، والدارقطني (٣/ ٢٤) لكن قال البيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٨): (ورواه هشيم وسفيان بن حبيب، عن زكريا -وزادا في متنه: (المرتهن) - وليس بمحفوظ).
(٢) "المغني" (٦/ ٥٠٩).
(٣) "بداية المجتهد" (٤/ ٥٩)، "المغني" (٦/ ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>