للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والغرض من ذكر هذه الرواية بيان أن المراد بقوله في الرواية الأولى: "لا يجوز لامرأة عطية … " أي: من مالها، فتكون مفسرة للرواية الأولى، وقول السندي في شرح الرواية الأولى: أي: من مال الزوج، وإلا فالعطية من مالها لا يحتاج إلى إذن عند الجمهور (١)، فيه نظر، ولعله غفل عن هذه الرواية المفسِّرة؛ لكونها في موضع آخر عند النسائي، كما تقدم.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: (هذا حديث مخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على أن للمرأة التصرف في مالها مطلقًا إذا كانت رشيدة، كحديث جابر - رضي الله عنه - وابن عباس - رضي الله عنهما - في حث النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء يوم العيد على الصدقة، فجعلن يتصدقن بأقراطهن وخواتيمهن .. الحديث. ولم يخبرهن بأن ذلك مقيد بإذن الزوج، وحديث ميمونة - رضي الله عنها - في إعتاق الجارية من غير إذن زوجها، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وعمرو بن شعيب حديثه حسن إذا لم يخالف الثقات، أما إذا انفرد بما يخالفهم فلا يحتج به، فكيف بمثل هذا؟ والله الموفق) (٢).

* الوجه الثاني: الحديث دليل على أن المرأة محجورة عن التصرف في مالها إذا كانت ذات زوج، إلا فيما أذن فيه زوجها، وهذا صريح في الرواية الثانية لزيادة لفظ: "في مالها".

ولم يأخذ بهذا الحديث إلا طاوس، كما نقله عنه ابن حزم (٣)، وهو قول المالكية إذا كان التصرف بأكثر من الثلث، وهو رواية عن الإِمام أحمد (٤).

وذهب الجمهور من أهل العلم، ومنهم: الحنفية، والشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة، إلى أن للمرأة الرشيدة التصرف بمالها كله بالتبرع


(١) "سنن النسائي" (٥/ ٦٦).
(٢) "حاشية ابن باز على البلوغ" (٢/ ٥٢٣).
(٣) "المحلى" (٨/ ٣١١).
(٤) "المغني (٦/ ٦٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>