للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحل حرامًا، أو حرم حلالًا" وزاد أبو داود والحاكم في أوله: "المسلمون على شروطهم".

وهذا سند حسن، من أجل كثير بن زيد الأسلمي، فإنه مختلف فيه، وهو حسن الحديث، لا بأس به، قال ابن عدي: (كثير بن زيد الأسلمي لم أر بحديثه بأسًا، وأرجو أنه لا بأس به) (١)، وقال الألباني: (فمثله حسن الحديث -إن شاء الله تعالى- ما لم يتبين خطؤه، كيف وهو لم يتفرد به) (٢).

وباقي رجال الإسناد ثقات غير الوليد بن رباح فهو صدوق، ولعل الحافظ لم يورد حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - واعتبره شاهدًا مع أنه أصح من حديث عمرو بن عوف؛ لأنه أخصر، وحديث عمرو أتم.

وعلى هذا فلعل الترمذي صححه باعتبار شواهده، أو أن الترمذي يُقَوِّي أمر كثير بن عبد الله؛ لأن الحافظ قال: (كثير بن عبد الله ضعيف عند الأكثرين، لكن البخاري (٣) ومن تبعه كالترمذي وابن خزيمة يُقَوُّوْنَ أمره) (٤).

قال ابن العربي: (قد روي من طرق عديدة ومقتضى القرآن وإجماع الأمة على لفظه ومعناه) (٥) ولما ساق شيخ الإِسلام ابن تيمية هذا الحديث وبعض شواهده قال: (وهذه الأسانيد وإن كان الواحد منها ضعيفًا، فاجتماعها من طرق يشد بعضها بعضًا (٦).

* الوجه الثالث: في شرح ألفاظهما:

قوله: (الصلح جائز) أي: ليس بحكم لازم يقضى به وإن لم يرض الطرف الآخر، وظاهر العبارة العموم، فيشمل جميع أنواع الصلح الجائزة في الأموال والأنفس والأنكحة والحروب، ونحو ذلك مما سيأتي.

قوله: (بين المسلمين) خصهم لا لإخراج غيرهم، بل لدخولهم في ذلك دخولًا أوليًّا اهتمامًا بشأنهم، ولأنهم المنقادون لأحكام الشرع، فيكون مما


(١) "الكامل" (٦/ ٦٩).
(٢) "الإرواء" (٥/ ١٤٣).
(٣) انظر: "تهذيب التهذيب" (٨/ ٣٧٧).
(٤) "فتح الباري" (٤/ ٣٧١).
(٥) "عارضة الأحوذي" (٦/ ١٠٣).
(٦) "الفتاوى" (١٩/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>