ومطل مصدر مضاف إلى فاعله، والمفعول محذوف، والتقدير: مَطْلُ الغنيِّ غَرِيمَهُ، والمراد بالغني: من عنده موجودات مالية يقدر بها على الوفاء.
قوله:(ظلم) أصل الظلم: أخذك ما ليس لك، ووضعك الشيء في غير موضعه، ويطلق على الجور ومنع الحق.
قوله:(وإذا أُتبع أحدكم) أتبع: بضم الهمزة، وسكون التاء المثناة، وكسر الباء الموحدة، مبنيًّا لما لم يُسَمَّ فاعله، ومعناه: أحيل، ومناسبة الجملة لما قبلها أنه لما دل على أن مطل الغني ظلم عقَّبه بأنه ينبغي قبول الحوالة على المليء، لما في قبولها من دفع الظلم الحاصل بالمطل، وروي بالفاء "فإذا أُتبع" فيكون ذلك كالتوطئة والعلة لقبول الحوالة؛ أي: إذا كان المطل ظلمًا، فليقبل من يحتال بدينه عليه، فإن المؤمن من شأنه أن يحترز عن الظلم فلا يمطل.
قوله:(على مليء) بتسكين الياء المهموزة، مأخوذ من الملاءة بالهمز، يقال: مَلُؤَ الرجل، بضم اللام، من باب كرُم؛ أي: صار مليئًا. والمليء: هو الموسر غير المماطل، ويُروى (مليٍّ) بدون همز، والأول هو الأصل، كما ذكر الأزهري والخطابي وغيرهما، وقد جاءت نسخ "البلوغ" بهذا وهذا (١).
قوله:(فليتبع) بفتح الياء، وسكون التاء، بمعنى: فليحتل، كما في رواية أحمد، ومعناها: فليقبل الحوالة ولا يمتنع.
* الوجه الثالث: في الحديث أدب من آداب المعاملة الحسنة بأمر المدين بحسن القضاء، وأمر الدائن بحسن الاقتضاء.
* الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم مطل الغني غريمه، وأن من عليه حقًّا لغيره وطلبه فعليه أن يبادر إلى أدائه من غير أن يحوج صاحب الحق إلى طلب والحاح أو شكاية، ومن فعل ذلك مع قدرته على الوفاء فهو ظالم، والظلم ظلمات يوم القيامة على أهله، ويدخل في عموم الحديث كل من لزمه حق لغيره كالزوج لزوجته، والسيد في نفقة رقيقه، والحاكم لرعيته، ونحو ذلك.
* الوجه الخامس: ظاهر الحديث أنه لا يجب الوفاء ويحرم التأخير إلا