للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجاهدون في سبيل الله، ومنهم من يربطها بكلاليب أو بعصابة (١).

والأظهر أن ذلك ليس بشرط، فإن لفظ العمامة جاء في النصوص مطلقاً غير مقيد بوصف، والتحنيك ليس من صفات العمامة، حتى يقال: لا حاجة إلى ذكره، فمتى ثبتت العمامة جاز المسح عليها، ولأن الحكمة من المسح على العمامة لا تتعين في مشقة نزعها، بل قد يكون روعي انتقاض أكوارها لو حركها لمسح رأسه، وقد تكون الحكمة خشية الضرر من برد أو مرض لو نزعها، ولا سيما في البلاد الباردة، لكن الاحتياط مطلوب، فإذا كانت العمامة الصماء لا ضرر في نزعها فالأولى عدم المسح عليها لسهولة خلعها، ولشبهها بالقلانس، والأصل في الأحكام أنها معللة.

الوجه الخامس: ظاهر الحديث أنه لا توقيت في المسح على الخفين ولا في المسح على العمامة.

أما المسح على الخفين فقد تقدم أنه مؤقت، فيحمل هذا الحديث على أدلة التوقيت، وسيأتي الكلام على ذلك في الحديث الذي بعد هذا.

وأما المسح على العمامة ففيه قولان:

الأول: أن المسح عليها مؤقت، وهو مذهب الحنابلة (٢)، قياساً على الخفين؛ لأنه إذا كان الخفان يؤقت فيهما وهما في الغالب أشق نزعاً من العمامة، فما كان أسهل فهو أولى بالتقييد.

الثاني: أن المسح على العمامة غير مؤقت، وهذا قياس مذهب المالكية؛ لأنهم لا يقولون بالتوقيت في المسح على الخفين - كما سيأتي - وهو اختيار ابن حزم (٣)، وإليه يميل الشوكاني (٤) لأنه لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم توقيت المسح عليها، فقد مسح على العمامة ومسح على الخفين، فَوَقَّتَ للخفين، ولم يؤقت للعمامة، فمن جعل حكمهما واحداً فقد قال ما لم يقله الرسول صلّى الله عليه وسلّم.


(١) "الفتاوى" (٢١/ ١٨٦ - ١٨٧).
(٢) "مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود" ص (٤٩)، "المغني" (١/ ٣٨٣).
(٣) "المحلى" (٢/ ٦٥).
(٤) "نيل الأوطار" (١/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>