للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العمامة في السفر، ويقاس عليه الحضر؛ لأن الرخصة عامة.

وجواز المسح على العمامة فقط دون مسح جزء من الرأس هو أحد قولي أهل العلم، وهو قول الإمام أحمد، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور، والظاهرية (١)، ودليلهم هذا الحديث وما شابهه مما يدل على جواز المسح على العمامة، قال ابن القيم: (المسح على العمامة سنة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ماضية مشهورة عند ذوي القناعة من أهل العلم في الأمصار) (٢)، وقال الشوكاني: (والحاصل أنه قد ثبت المسح على الرأس فقط، وعلى العمامة فقط، وعلى الرأس والعمامة، والكل صحيح ثابت، فَقَصْرُ الإجزاء على بعض ما ورد لغير موجب ليس من دأب المنصفين) (٣).

وقد تقدم في باب «الوضوء» حديث المغيرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مسح بناصيته وعلى العمامة، ويكون حديث ثوبان هذا في المسح على العمامة فقط، كما هو ظاهره، فإذا كانت العمامة قد غطت الرأس كله كفى المسح عليها، وإن انكشف شيء من الرأس كالناصية فالأولى وجوب مسحه مع العمامة لفعله صلّى الله عليه وسلّم.

واشترط الحنابلة أن تكون على صفة عمائم المسلمين، بأن يكون تحت الحنك منها شيء؛ لأن هذه عمائم العرب، سواء كان لها ذؤابة أو لم يكن لها، وكذلك يجوز المسح عليها إذا كانت ذات ذؤابة.

أما العمامة الصماء - وهي التي تدور على الرأس، ولا تكون محنكة، ولا ذات ذؤابة، وهي تشبه عمائم أهل الذمة - فلا يجوز المسح عليها على أحد القولين عند الحنابلة؛ لأنها كالقلانس أي: الطواقي، فلا يشق نزعها (٤).

وعارض في هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، وبيّن أن التحنيك ليس شرطاً، وأن السلف إنما كانوا يحنكون عمائمهم؛ لأنهم كانوا يركبون الخيل


(١) "المغني" (١/ ٣٧٩)، "الإنصاف" (١/ ١٨٥)، "المحلى" (١/ ٣٠٣).
(٢) "تهذيب مختصر السنن" (١/ ١١٢).
(٣) "نيل الأوطار" (١/ ١٩٥).
(٤) "المغني" (١/ ٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>