للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه يجب على الإنسان رَدُّ ما أخذته يده من مال غيره إلى مالكه أو من يقوم مقامه، فالمرتهن والمستأجر والموح والمستعير كل منهم يرد ما أخذ متى انقضى الغرض من العين، إن كان قد أخذها لمصلحته، أو يردها إذا طلبها صاحبها إذا كان أخذها لحفظها كالوديعة.

وما أُخذ يلزم رد عينه إن كانت موجودة، ورد المثل أو البدل إذا كانت قد استهلكت أو تلفت.

وكذا الغاصب أو السارق أو من أخذ مال غيره بالدعاوى الباطلة أو اليمين الكاذبة يرد ما أخذه إلى أصحابه ولو غرم على رده أضعاف قيمته؛ لأنه هو الذي أدخل الضرر على نفسه.

ويقع كثير من الناس في أخطاء في موضوع العارية، أهمها ثلاثة:

الأول: عدم إعادة العين إلى صاحبها متى انتهى منها المستعير، بل يهملها ويتركها، وقد ينساها صاحبها، أو لا يدري من المستعير إذا طال الزمن!.

الثاني: الإساءة إلى العين وعدم ردها كما أُخذت، وهذا يقع كثيرًا في استعارة الكتب، وبعض الأمتعة.

الثالث: إعارة المستعير ما استعاره لغيره.

واعلم أن الراجح من قولي أهل العلم أنه لا يجوز للمستعير إعارة العارية لغيره بغير إذن مالكها، وهو قول الشافعية والحنابلة، قياسًا للمستعير على الضيف، بجامع عدم الملك، فكما أن الضيف الذي أبيح له الطعام لا يجوز له أن يبيحه لغيره، فكذلك المستعير لا يجوز له أن يعير غيره.

وأما من أجاز ذلك قياسًا على المستأجر الذي يملك أن يعير، لملكه المنفعة، فهذا قول مرجوح، لاعتماده على قياس غير صحيح؛ لأن الإعارة ليست تمليكًا للمنفعة كالإجارة، وإنما هي إباحة انتفاع، ومن أبيح له منفعة فإنه لا يملك نقل ما أبيح له لغيره (١).


(١) "المغني" (٧/ ٣٧٤)، "مغني المحتاج" (٢/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>