للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كاذبة فأعم بصرها، واقتلها في أرضها، قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت. هذا لفظ مسلم.

* الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (من اقتطع) أي: أخذ، وقد جاء بهذا اللفظ في "الصحيحين"، وجاء عند البخاري بلفظ: "من ظلم"، واقتطع افتعل، من القطع، كأنه قطع هذا الشبر عن صاحبه، أو أخذ قطعة من ماله، وهذا فيه استعارة حيث شبه من أخذ ملك غيره وأوصله إلى ملك نفسه بمن اقتطع قطعة من شيء يجري فيه القطع الحقيقي.

قوله: (شبرًا) بكسر أوله وسكون ثانيه، جمعه أشبار، والشبر: ما بين رأسي الخنصر والإبهام من كف مفتوحة. وذكر الشبر إشارة إلى استواء القليل والكثير في الوعيد، وعند البخاري: "شيئًا" (١) وهذا أعم. وفي رواية "الصحيحين" من حديث عائشة - رضي الله عنها - (٢): "قيد شبر" وهي بكسر القاف؛ أي: قدر شبر.

قوله: (من الأرض) بيانية.

قوله: (طوقه الله … ) أي: جعله طوقًا في عنقه، وفيه معنيان:

الأول: أنه يكلف يوم القيامة نقل ما ظلم منها إلى المحشر، ويكون كالطوق في عنقه، لا أنه طوق حقيقة، ويؤيده حديث يعلى بن مرة - رضي الله عنه -، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أيما رجل ظلم شبرًا من الأرض كلفه الله أن يحفره حتى يبلغ سبع أرضين، ثم يُطَوَّقَهُ يوم القيامة، حتى يفصل بين الناس" (٣).

الثاني: أنه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين، فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقًا في عنقه، ويؤيد هذا المعنى حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا بلفظ:


(١) "صحيح البخاري" (٢٤٥٢).
(٢) "صحيح البخاري" (٢٤٥٣)، "صحيح مسلم" (١٦١٢).
(٣) أخرجه أحمد (٢٩/ ٩٩، ١١٠)، وابن حبان (١١/ ٥٦٧، ٥٦٨)، والطبراني (٢٢/ ٢٧٠). انظر: "الصحيحة" للألباني رقم (٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>