للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا من أدلة القائلين بأن المسح على الخفين غير مؤقت، وأن لابس الخفين يمسح عليهما ما لم ينزعهما أو تصبه جنابة، ونُسِبَ هذا القول إلى مالك وأصحابه، والليث بن سعد والأوزاعي (١)، قال ابن عبد البر: (وروي مثل ذلك عن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر، وعبد الله بن عمر، والحسن البصري)، ثم ساق ما روي عنهم في ذلك.

ومن أدلتهم حديث أُبيّ بن عِمارة أنه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: (يا رسول الله، أمسح على الخفين؟ قال: «نعم»، قال: يوماً؟ قال: «يوماً»، قال: ويومين؟ قال: «ويومين»، قال: وثلاثة؟ قال: «نعم، وما شئت»)، وسيأتي الكلام عليه، وأنه حديث ضعيف.

ولهم تعليل: وهو أن هذه طهارة فلم تتوقت بزمن كغسل الرجلين (٢)، وذكر ابن رشد أن التوقيت غير مؤثر في نقض الطهارة؛ لأن النواقض هي الأحداث، فيعتبرون هذا القياس معارضاً لمثل حديث علي وصفوان وغيرهما كما ذكر ابن رشد، لكنه تعليل لا يقف في مقابلة النصوص الصحيحة الصريحة (٣).

والقول بالتوقيت هو مذهب الجمهور، ومنهم الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة والشافعي وأحمد، واختاره ابن عبد البر من المالكية - وتقدمت أدلتهم - وقد ذكر الطحاوي أن الأحاديث قد تواترت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالتوقيت في المسح على الخفين (للمسافر ثلاثة أيام ولياليها، وللمقيم يوم وليلة) (٤).

قال ابن عبد البر: (وأكثر التابعين والفقهاء على ذلك، وهو الاحتياط عندي؛ لأن المسح ثبت بالتواتر، واتفق عليه أهل السنة والجماعة، واطمأنت النفس إلى اتفاقهم، فلما قال أكثرهم: إنه لا يجوز المسح للمقيم أكثر من خمس صلوات، يوم وليلة، ولا يجوز للمسافر أكثر من خمس عشرة صلاة،


(١) "التمهيد" (١١/ ١٥٠)، "الاستذكار" (٢/ ٢٤٧)، "بداية المجتهد" (١/ ٦٥).
(٢) انظر: "المنتقى" للباجي (١/ ٧٩).
(٣) "بداية المجتهد" (١/ ٩٧).
(٤) "شرح معاني الآثار" (١/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>